تمغربيت:
كان شعار الدولة السعدية أو ما يعرف باللواء العظيم أبيضا، وقد سموه أيضا باللواء المنصور. وتفيد المصادر بأنه كانت تتقدمه وتأتي خلفه ألوية عديدة أكثرها أحمر.. وهو الوصف الذي ذكره عبد العزيز الفشتالي في مطلع قصيدته.. والتي مدح فيها السلطان أحمد المنصور السعدي بعد فتح السودان، جاء فيها :
• جيش الصباح على الدجى متدفق
• فبياض ذا لسواد ذلك يمحق
• وكأنه رايــــــــات عسكرك التي
• طلعت على السودان بيضا تخفق
• لاحت وأفقهم لـيـال كل
• كعمود صبح في الدجى يتألق
• نشرت لتطوي منه ليلا داما
• أضحى بسيفك ذي الفقار يمزق
وتفسر غلبة اللون الأبيض خلال هذا العهد وبداية تراجعه أواخر الدولة السعدية لكون هذه المرحلة عاصرت سقوط الخلافة العباسية سنة 1517.. وانتقال “الخلافة” إلى العثمانيين، حيث لم يعد لتواجد اللون الأبيض الذي اختير للاختلاف مع العباسيين، أي مبرر.
في هذا السياق، بدأ التغيير الأساسي، الذي مس جوهر الرمزيات شكلا ومضمونا، في المغرب الحديث مع استقرار حكم الشرفاء العلويين.. وتوحيد البلاد منذ تسلم السلطان مولاي الرشيد الحكم في محرم عام (1075/ 1664) حيث تم استبدال أرضية الراية بإقرار اللون الأخضر بدل الأبيض السائد إلى ذلك الحين. وقد ذكر الراية العلوية الخضراء الشاعر محمد بن الطيب العلمي (المتوفى عام 1134 / 1721) في قصيدة مدح بها السلطان مولاي إسماعيل.. وردت في كتابه الأنيس المطرب:
• لك العز والتأييد والفتح والنصر
• أيا ملكا يصبو له البر والبحر
• هزمت جيوش الكفر في كل معركة
• وشيدت ركن الدين فانتقض الكفر
• وفككت أمر المسلمين من العدا
• ومنك الأعادي لا يفك لهم أسر
• فكم راحة بيضاء تحمر بالدما
• إذا انعقدت للحرب ألوية خصر
ويعتبر اللون الأخضر شعار العلويين.. وهو يحيل على الخصب والرخاء والنعيم والجنة. وسبق أن وظف اللون الأخضر كشعار في دولة الأمويين بالأندلس. واتخاذ هذا اللون من قبل الدولة العلوية الحديثة النشأة آنذاك فيه حفظ لشعار الشرفاء العلويين.. ورمز للتمسك بالتراث الأندلسي، ومنافسة لدولة الأتراك العثمانيين في المشرق.. يتبع