تمغربيت
معاهدة الحدود المغربية الجزائرية
بعد حرب الرمال .. فتح صفحة المفاوضات والحوار
بعد 10 سنوات من واقعة حرب الرمال، التي انتصر فيها الجيش المغربي، على الجيش الجزائري، البادئ بالحرب والمدعوم من مصر وكوبا وغيرها من دول المعسكر الشرقي.. حرب كان موضوع الخلاف فيها الإشكالات الحدودية العالقة بين البلدين الجارين، االخارجين للتُّوِّ من زمن الاحتلال والانتداب، وكذا رسم الحدود الدولية بين البلدين..
جاء دور الدبلوماسية والسياسة والكياسة والحوار، لتُحُلَّ مكان البنادق والمدافع والحديد والنار.. حيث قررت الرباط والجزائر فتح صفحة جديدة للتفاوض والجلوس معا على طاولة الحوار حول الخلافات الحدودية، والخروج بمخرجات واتفاقيات ومعاهدات ترضي الطرفين (بعد تنازل كل طرف عن جانب ما وتعويضه بجوانب ما، يتم التوافق عليها)
فكان يوم 15 يونيو 1972 شاهدا على منعطف جديد يتم رسمه والتخطيط له إقليميا بين البلدين الجارين. فكان اللقاء التاريخي بين الملك الحسن الثاني ملك المملكة المغربية والهواري بومدين رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ..
وكانت مفاوضات بين المغرب والجزائر انبثقت عنها بتاريخ: 15 يونيو 1972 معاهدة حول الحدود المغربية الجزائرية نصت على اعتراف المغرب بجزائرية تندوف من طرف، والمشاركة في إنتاج وتسويق حديد غار جبيلات، ودعم الجزائر لمغربية الصحراء من طرف آخر.
فحسب التفاهم الذي توصل إليه الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين، وبمقتضاه، تخلى المغرب بموجب هذه الاتفاقية واتفاقية ترسيم الحدود عن تندوف وبشار مقابل دعم الجزائر للمغرب في ملف الصحراء والاستغلال الثنائي لتلك المناجم بنسبة 50 % لكل طرف. منجم للحديد تقدر احتياطاته بـ 3.5 مليار طن. متواجد على بعد 143 كيلومترا جنوب تندوف،
ونتيجة لكل هذا، كان على البلدين إنشاء شركة تجمعهما لاستغلال مناجم الحديد أطلق عليها: الشركة “الجزائرية-المغربية” (برأسمال 2 مليون دولار) وإنشاء معبر لتصديرها عبر المحيط الأطلسي وتحديدا عبر ميناء سيدي إفني جنوب المغرب.
سياق منعطف 15 يونيو 1972
هذا التاريخ وهذا اللقاء التاريخي جاء في سياق كانت المنطقة تمر فيه بانفراج سياسي ومحاولة إقلاعات اقتصادية جديدة ورغبة لبناء تكامل اقتصادي بين بلدان المنطقة.. وكان بمثابة صورة ورسالة تَعِد بمستقبل واعد بين البلدين والنظامين والشعبين، سيجران ويضمان إليهما بلدان وشعوب المنطقة من تونس وليبيا وموريتانيا أيضا.
والسياق كان سياق رهانات وقضايا ثنائية مغربية جزائرية .. فحدثت زيارة الرئيس الراحل هواري بومدين إلى المغرب في يناير 1969، تلبية لدعوة مغربية، والتي تُوِّجت بعقد معاهدة أخوة وتعاون وحسن جوار، كما حدثت أيضاً زيارة في المقابل قام بها الراحل الملك الحسن الثاني إلى تلمسان/الجزائر عام 1970.
في نفس السياق أيضا والأمر يهم المنطقة إقليميا، كما يهم علاقة حسن الجوار بين المغرب وموريتانيا ..
وُقِّعَت في نفس العام، معاهدة تضامن وتعاون وحسن الجوار (يونيو 1970) بين المغرب وموريتانيا، توجت بتبادل السفراء.
وتعود الجزائر للغدر بالمملكة المغربية
لكن تلك الصور من التفاؤل والاتحاد والمستقبل الواعد لأنظمة وشعوب المنطقة، سرعان ما حُجِبت عن المشهد السياسي والدبلوماسي، لتعود أجواء التوتر في العلاقة بين البلدين الجارين.. حيث احتضن بومدين جبهة البوليساريو الانفصالية مباشرة بعدما نظم المغرب مسيرته الخضراء (1975) لاسترجاع أراضيه وأقاليمه الجنوبية؛ فمنحها الأرض والسلاح وميادين التدريب كما سخر كل مجهوداته المالية والدبلوماسية لنصرتها، دعما لانفصال الصحراء عن مغربها وتقسيم المغرب نصفين وقطع تواصله مع عمقه الإفريقي
(يتبع)…