تمغربيت :
° في سياق تنويع الوثيقة التاريخية التي تشكل أساس مادة وعلم التأريخ
لعل الحلقة(99) من برنامج “الثقة فالوثيقة” الخاصة بالدكتور عبد الحق الصنايبي.. تبقى حسب متابعتي الطويلة لها، هي أكثر الحلقات “غزارة” واستحضارا للوثائق على أشكالها وألوانها وطبائعها.. فقد استحضر الدكتور الصنايبي مراجع المؤلفات كالعادة.. لكنه استدعى أيضا كما تابعنا في الأجزاء الخمسة من قبل خريطة الجعرافي المغربي العالمي، الإدريسي التي تعود للقرن 12. كما اختار تقديم وثيقة تعود للقرن 11- التي هي عبارة عن “المُنَمْنَمَة القشتالية” المستخرجة من ثنايا كتاب عنوانه “بورتريهات الملوك” الذي يتحدث عن طارق بن زياد واصفا إياه ب”أمير المؤمنين” و”ملك المغرب” والذي جاء فيه ما يلي:
” Bino de africaTariq el Rio del muamumlon Rey de Maruecos to muy grandes poderes de moros arrivo en Tarifa “
” زعيم إفريقيا طارق أمير المؤمنين ملك المغرب ووصوله مع جيش عظيم من المغاربة لِطَريفَةَ”
عملة جبل طارق.. تنطق بمغربية طارق بن زياد
كما استدعى د الصنايبي أيضا “عملة إنجليزية” متداولة بمنظقة جبل طارق، التابعة لبريطانيا العظمى، بقيمة (5£).. مرسوم عليها بورتريه للقائد المغربي الأمازيغي طارق ابن زياد حاملا سيفه الذي يرمز إلى عبوره مع جيشه المغربي للضفة الشمالية للبحر المتوسط. مع كتابة وحفر اسمه باللغة اللاتينية، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذا القائد المغربي الأمازيغي TARIK هو من فتح تلك الديار الأندلسية.. وفي خلفيته الراية المغربية بالنجمة الخماسية. فضلا عن القلعة المرسومة بها أيضا والتي تعود بدايات تشييدها إلى الموحدين المغاربة ويعود إتمام تشييدها إلى المرينيين المغاربة.
° الوثيقة السادسة: الربعة المغربية بالقدس الشريف
ينتقل بنا الدكتور الصنايبي إلى وثيقة أخرى، يطلق عليها “الرُبعة المغربية”.. والربعة المغربية المعروفة هكذا والموصوفة بالمغربية وليس بالمغاربية.. الربعة المغربية الغير مشروكة مع أجناس وأقوام آخرين متطفلين على التاريخ.. الربعة المغربية التي تعود لزمن أبي الحسن المريني الذي حكم أجزاء من الجزائر وحكم تونس لمدة عام أيضا.. وتنسب لزمن المرينيين المغاربة الذين حكموا بعد الموحدين وبعد المرابطين أجزاء كبيرة من بلدان شمال إفريقيا وعاصمتها فاس. ولا يمكن تمرير انتسابها لجغرافيا هُيامِية تسمى المغرب العربي أو المغاربي.. لهذا حفظ الله هذه الربعة المغربية من تطفل لصوص التاريخ من محاولة خنشلتها فسميت واشتهرت في القدس الشريف والمغرب وكتب التاريخ في العالم بالربعة المغربية.
والربعة المغربية عبارة عن مصحف كتبه سلاطين بنو مرين ومكون من 30 جزءا.. تمت كتابته بحبر من الزعفران الحر والمسك ويقال أن غلافة كتب بماء من الذهب. وقد تم وقفه على المسجد الأقصى وهو موجود حاليا في خزانة قبة الصخرة.
هذه الوثيقة التي هي عبارة عن 30 جزء ووثيقة، تمت كتابة عبارات ونبذة، في كل صفحاتها الأولى، تهم التعريف بكاتبها.. فيقرأ لنا مثلا الدكتور الصنايبي جزءا مما جاء في الجزء الثامن من هذا المصحف الشريف: “أكمل الجزء الثامن من هذا المصحف الكريم المجزء لثلاثين جزءا وكتبت جميعها بخطه عبد الله أمير المسلمين ابن أمير المسلمين أبي سعيد عثمان ابن أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق ملك المغرب.. نفعه الله ووقفها على التلاوة في المسجد الأقصى”.
رسالة إلى الإطفائي..
فلهذا الإطفائي االمتطفل على التاريخ في بلاد اللا تاريخ نقول: هي ذي الوثيقة أمامك ونسختها الأصلية في خزانة قبة الصخرة بالقدس الشريف تحكي عن “ملك المغرب”.. في القرن 14 وتحديدا عام 1344 توثق عن ملك المغرب.. هذا الملك الذي حكم الإمبراطورية المرينية المغربية من (731 – 749هـ = 1331م – 1348م).. بعدما بويع بفاس بعد وفاة أبيه في شهر ذي القعدة سنة 731هـ / 1331م. ويُعَد عاشر ملوك الدولة المرينية بالإمبراطورية المغربية. وهي تؤرخ وتوثق للسلطان المغربي، البربري أصلا، المغربي إقامة ووفاة، أمير المسلمين، أبي الحسن علي بن عثمان المعروف بأبي الحسن المريني، وأيضا بأمير المسلمين المنصور بالله، وأيضا بالسلطان الأكحل لسمرة لونه حيث أن أمه كانت حبشية.
وثيقة يعود تاريخها (وليس تاريخ أصحابها وأجداد أجداد أصحابها) إلى 679 سنة مضت، يا ابن بلاد 62. بتقرير مصير لا غير، بدون جماجم ولا وثيقة استقلال حتى.. فلا تحاول لا أنت ولا التقني البيطري الذي تطفل هو الآخر على مادة التأريخ في بلاد اللا تاريخ، إسقاط فقر التاريخ وانعدام الهوية وأزمة الثقافة والحضارة، عندكم في الجزائر على مصر مثلا أو تونس مثلا مثلا ولا على المغرب طبعا طبعا. فالإسقاط على مستوى الفكر والتأريخ، يحتاج إلى إعادة فهم ووعي في المجال الفكري والتاريخي خصوصا خصوصا على المستوى المنهجي.. والإسقاط على المستوى السيكولوجي يحتاج لا محالة إلى معالجين نفسانيين.. ولعل قراءة متأنية لكتاب (Veronika décide de mourir – Paulo Coelho) ستنفعكم في دراسة حالاتكم المستعصية هذه.