تمغربيت :
بقلم: المنصور الذهبي
..ومردُّ ذلك أنه لا شيء يمكن أن يقدمه نظام العسكر للعالم، غيرَ عَدد الشهداء.. في محاولة لكسبِ تعاطف الرأي العام الدولي.. وكأنَّ الشهداء اقتصروا على الجزائر، أو كأن ضحايا الاستعمار الذين تعدَّوا الملايين.. الممتدين على كل رُقعة القارة الإفريقية مِن أقصاها إلى أقصاها، اقتصروا فقط على جبال الأوراس وسهول الشلف.
الجزائر.. تراجع خطير في مؤشرات التنمية
فالجزائرُ الحديثة تعرف تراجعاً كبيرا في أغلب مؤشرات التنمية وفي توفير أبسط الأشياء.. حتى في صَبيب النت وتوفير الحليب والبطاطس للسكان. كلُّ ذلك نتيجةً لسنوات من الاشتراكية الايديولوجية الفارغة من محتوى الاشتراكية الحقة.. التي قتلت روحَ المبادرة والمنافسة لدى المواطن الجزائري، الذي أصبحَ يعيش عالةً على الدولة ويطالبها بتوفير كل شيءٍ دون القيام بأي مجهود.. وهو يظن أنه يعيش في البلد القارة، والبلد القوة الضاربة، والدولة العظمى.
غير أن واقع الحال يقطع بخُلوُّ البلاد من الشركات الصغرى والوسطى في الدولة الحديثة.. فهي غائبةُ تماما. إذ لا تجدُ شركات جزائرية في أغلب المهن الحرة، ولا تجد عَمالةً مؤهلة في مهن أوليةٍ بسيطة كالنجارة والحدادة والصباغة وأشغال الديكور، عدا عن الصناعات الثقيلة. وهو ما يجعل الاستثمارات الأجنبية تنفِر من السوق الجزائرية، ويجعلُ العمالةَ المغربية المؤهَّلة، مطلوبةً وبشدة لدى الجيران.
أضف إلى ذلك إنفاقَ إيرادت النفط والغاز على معاداة المغرب وشراءَ الأعداء والأصوات المعادية له وتسليحَ البوليساريو بأحدث الأسلحة.. بدل الإنفاق على الخطط الاقتصادية ومشاريع التنمية.
جهاد.. ولكن
ونحن هنا لا نبخسُ من جهاد الأحرار ضد المستعمر الفرنسي الذين بالمناسبة كان بينهم مغاربة كثيرون.. دافعوا عن إخوانهم في الجهة الشرقية من المملكة المغربية ضد ظلم المستعمر، دولةً وأفرادًا.. ومعركة إيسلي خير دليل على ذلك، حيث دخلت المملكة المغربية حرباً مع فرنسا بعد أن استنجد بها أهل جغرافيا الجزائر، من أجل دفع الظلم ودحر المستعمر، واستشهد مئاتُ المغاربة في هذه المعركة، ومعاركَ أخرى قادها مغاربةٌ آخرون ضد فرنسا، كالقائد بو عمامة على سبيل المثال لا الحصر، ولكننا نستنكرُ أن تباع دماؤهم وذكراهم مقابل أن يشتري حكام الجزائر الحاليون ونظامُها.. مجداً لم يشاركوا فيه بقيْدِ أنملة، بل بخسوه ورخصوه وجعلوا منه بضاعة مزجاة.
والمتتبع الحصيف لا يجدُ نظاما يفتخر بعدد رؤوس رعاياه المقطوعة إلا نظام العسكر، ولا تجدُ نظاما يصاحبُ جلَّاديه الذين يحتفظون بجماجم أبنائه الشهداء في المتاحف، ويفتحُ لهم البلاد على مصراعيها، إلا نظامَ العسكر.
ولو كان هذا النظام يملكُ ذرة من شهامة أو مروءة، لقطع كل علاقاته بفرنسا الاستعمارية ولا يقيمَها حتى تعتذر له عن أكثر من قرن من الاستعمار والاستغلال، فضلا عن الذبح والتقتيل الذي فاق الملايين كما يزعم رؤوس النظام، المرضى بتضخم الأنا والغباء في وقت واحد.
إذ كيف يُعقل أن تفتح بلادك وخيراتك ونفطَك وغازَك، لمن عاث في بلادك ذبحا وتقتيلا، إلا أن يكون الذبح والتقتيل لا يُحرِّك فيك شعرة من نخوة أو غيرة، أو أن تكونَ متواطئا مع القاتل الغاشم أو خادما مطيعا له أو عميلاً، وتستغلَ دماء الشهداء، لصناعة الأوهام وتخدير المواطنين، من أجل بقاء شرذمة من العسكر في السلطة، تستغل خيرات البلاد لصالح المستعمر القديم، وتبيع لأبنائها الوهم وحبات القرقوبي، لتقنعهم بأن العالم يتآمر عليهم ويمنعهم من التقدم والازدهار.