تمغربيت:
بحثنا في تاريخ شبه دولة الجزائر، فلم نجد إلى القتل والإرهاب والتآمر وسنوات الجمر والعذاب.. نصف قرن ونيف من المؤامرات الخبيثة هدفها كرسي الحكم وثروات الخلق. ثم جاءت سنة 1962 فوجدنا أن من حكموا الجمهورية الوليدة لم يكن لهم حظ في نضال ولا في جهاد.. حفنة من الانكشارية كان شغلهم الشاغل هو تصفية جميع المناضلين الشرفاء ومحاولة طمس جهادهم حين وقفوا، على قلتهم، أمام غطرسة فرنسا وقرروا أن ينشؤوا كيان سياسي عربي الانتماء، مسلم العقيدة مغاربي الشخصية.
من بين هؤلاء نجد العقيد محمد شعباني قائد الولاية السادسة (الحديثة) والذي كان أحد أبطال الجزائر.. الذين تحمل جيناتهم نخوة العروبة والإسلام التي رفضت الخضوع لضباط فرنسا الذين أقحمهم المستعمر في بنية العسكرية الوليدة.. وأراد من خلالها أن يتحكم في مصير الجزائر الحديثة.
العقيدة شعباني الذي تكالبت عليه النزعة الإقصائية لبن بلة والعقيدة الدموية الاستئصالية لبومدين.. ليتواطئ الطرفين على قتله خارج إطار المحاكمة العادلة وبدون أن يستفيد من حقوق الدفاع أو الترافع.. وليتم الحكم عليه بالإعدام ليلا والتنفيذ المادي بعد سويعات من الحكم السياسي الجائر.
غير أن ما يثير الاشمئزاز ويعكس طبيعة النظام الإرهابي الذي أرساه بن بلة وبومدين.. هو صدور الأوامر بحفر قبر العقيد شعباني حتى قبل بداية محاكمته.. وهو ما يقطع بأن القرار كان قد اتخذ سلفا، وما المحاكمة إلا إجراء شكلي يقوم به النظام العسكري لتبرير القرار السياسي الذي اتخذه مخلفات بشرية لم تطلق رصاصة واحدو ضد المستعمر.. ولم تطئ أرجلها أرض الجزائر إلا بعد حصول الجزائر على الاستقلال الممنوح على طبق من طرف مؤسس الجمهورية الجزائرية الجنرال دوغول.