تمغربيت:
بقلم: الحسن شلال
° في سياق الرد
ما زلنا مع ردود د. الصنايبي على العقيد في سلك الوقاية المدنية المدعو صالح أحمد بارودي، الذي يَدَّعي هو الآخر إلمامه بالتاريخ والمادة التاريخية.. في إطار ظاهرة “المؤرخون الهجن – les historiens hybrides” التي ظهرت بالجزائر فأصبحت تفرز لنا أشكالا من المؤرخين الجدد، من قبيل: بيطري مؤرخ وإطفائي مؤرخ وهلم جرا.
ردود تأتي في سياق تطاول أتباع نظام الجارة الفاقدة للهوية والتاريخ على المملكة الشريفة.. المملكة الأعرق في العالم من حيث استمراريتها الغير منقطعة إلى يوم الناس هذا. على تاريخها وثقافتها وحضارتها وتراثها ورموزها بل وعلى أعراض نسائها أيضا إلخ.
الردود على سقط المتاع..
الردود كما حددها الدكتور الصنايبي ستفند بعض المغالطات التاريخية التي تعرض لها صالح احمد بارودي.. في مستهل إحدى “محاضراته” التي امتدت لأكثر من ساعة لم يشر فيها إلى شيء من تاريخ الجزائر (والأمر طبيعي جدا كونها بلا تاريخ).. بل انبرى للطعن والشتم وسب الأعراض ضد المملكة الشريفة (وهذا في الحقيقة مبلغه من العلم ليس إلا).
° المغالطة الأولى: قوله – دخول الأتراك كانت تحت يافطة الخلافة العثمانية
يدعي المؤرح الهجين صالح بارودي أن دخول الأتراك مع عروج وخير الدين بارباروس للجزائر.. كان تحت يافطة الخلافة العثمانية. وعليه يرد الدكتور الصنايبي بما يلي:
الإخوة الأربعة خصوصا عروج وخير الدين بارباروس لم تكن لهم في البداية أية علاقة بالخلافة العثمانية أو الباب العالي.. إنما بايعوا السلطان العثماني بعد دخولهم الجزائر.. ذلك أن بارباروس كان يؤمن بأن تأسيس دولة للقراصنة في الغرب الإسلامي لا يمكن أن يتم ويكتمل إلا تحت حماية وضل السلطان والحكم العثماني.. وبالتالي من الواجب عليه كما من الضروري أن يستدعي ويطلب رضى وعون وحماية السلطان العثماني.. وهذا ما جاء موثقا في مذكراته.
ففي ص20.. من مذكراته يشير بارباروس أنه اتصل بالسلطان العثماني، بعدما دخل الجزائر واستولى على حكمها. فكان جواب السلطان له، يستفسره عن كيفية وملابسات دخوله واستيلائه على تلك الجغرافيا.. قصد تقييم الأمور قبل اتخاذ قرار ضم هذه البقعة ضمن الحكم العثماني.. وبالتالي إمداد حاكمها بارباروس بما يحتاج من حماية وجيش وسلاح إلخ.. مقابل خضوعه لحكم السلطان وتقديم البيعة.
يواصل خير الدين بارباروس..
يقول خير الدين بارباروس: “بدأت إملاء مذكراتي بأمر من السلطان سليمان القانوني.. في أثناء اتصالي بالسلطان سليمان خان بن سليم خان، ورد علي “فرمان FERMAN سلطاني” هذا نصه.. (كيف خرجت أنت وأخوك عروج من جزيرة “ميديلّي”، وفتحتم الجزائر؟ ما الغزوات التي قمتم بها في البر والبحر حتى الآن؟ دَوِّن كل هذه الحوادث دون زيادة أو نقصان في كتاب. وعندما تنتهي أرسل إلي نسخة لأحتفظ بها في خزانتي)”
فالسلطان العثماني كما يبدو واضحا لم يكن على علم ولا دراية بمن يكون هذا عروج وبارباروس ولا بما قاما به.. كما يتبين أيضا أن الأمر يتعلق بمجرد أتراك قراصنة استولوا على حلق الواد بتونس ثم بجاية ثم الجزائر (الجزائر عبارة عن 3 صخرات سوف تسمى عليها مدينة الجزائر فيما بعد ثم الجزائر البلد على يد الفرنسيين).. التي تم الاستيلاء عليها بعدما اتصل بهم قراصنة مدينة الجزائر طالبين منهم الحكم عليهم اتقاء شر الاحتلال من طرف الإسبان المعادين لنظام القرصنة.
° دخول بارباروس إلى الجزائر كان عبر مجازر ضد المسلمين..
بعدما دخل برباروس الجزائر، طلب منه سليم التومي، ممثل الثعالبة وحاكم الجزائر الصغيرة آنذاك الخروج منها، فما كان على بارباروس سوى قتله خنقا يوم جمعة وهو يهم للوضوء. ثم اتجه للزواج غصبا بالأميرة زفيرة زوجة سليم التومي. هذه الأخيرة التي ستفضل الانتحار على أن تخضع للقاتل والمستعمر التركي بارباروس.. ولعل في القصة ما يكفي من إشارة واضحة على أن الأمر يتعلق بأتراك قراصنة مستعمرين لا علاقة لهم – على الأقل في البداية – لا بالخلافة ولا البيعة ولا الحكم العثماني.
في الجمعة إذا استمر بارباروس في مهمته لاحتلال الجزائر فاتجه صوب المسجد.. فأغلق وغَلّقَ الأبواب على المصلين الذين كانوا تابعين لحكم حاكمهم سليم التومي فقتلهم وذبحهم جميعا عن بكرة أبيهم. ليخلو له الاستيلاء على دوارأو مدينة الجزائر. وبعدها سيقوم بارباروس بتوسيع حكمه على مناطق أخرى كلها بشمال خريطة جزائر اليوم … فكان له صراع مع أهل تلمسان. كما جرت معارك طويلة بينه وبين أهل ومملكة القبايل التي لم تخضع له ولا لمن جاؤوا بعده من أتراك عثمانيين أبدا.
وبالتالي يتبين لنا أن الأتراك كانوا مستعمرين لجغرافيا الجزائر.. وأن الحكم التركي هذا لا يعدو أن يكون حكما مسيطرا على بضعة أجزاء فقط من جزائراليوم، وأن مناطق عديدة من شمال الجزائر لم تخضع لهم.
فعن أي دولة أو استقلال يتكلم هؤلاء البيطريين والإطفائيين الطارئين والدخيلين على مادة وعلم التأريخ؟
إن كتابة التاريخ بهذا الشكل الذي يقتطع أحداث قتل الجزائريين بمئات الآلاف، إبان دخول القراصنة الأتراك لمدينة الجزائر، يعد تزويرا للتاريخ ليس إلا.. والتاريخ يقضي عبرهذه الشواهد أن احتلال الجزائر كان إبان الحكم التركي والفرنسي معا وليس مع بداية 1830 كما يريد البعض أن يوهم.
وبالتالي قولهم بأن الحرب ضد فرنسا كان من أجل استرجاع السيادة كلام بعيد عن الصواب والوثيقة والحقيقة التاريخية.