تمغربيت:
بمجرد أن “تمكنت” الدولة العسكرية الجزائرية من الالتفاف على الحراك الشعبي العظيم.. الذي استمر زهاء سنتين، والانقلاب على مطالب صدحت بها حناجر الملايين من الشباب المتعلم، للإطاحة بنظام الكبرانات.. وإقامة بدلا منه دولة مدنية ديمقراطية، لجأ “العقل” العسكري ببلد “المليون شهيد” إلى سياسة الأرض المحروقة.. وتكميم الأفواه والزج بالسياسيين والإعلاميين الشرفاء في غياهب السجون، وتطويع الآخرين وتجنيدهم للدفاع عن حماقات الجيش وترهاته.. واستهداف المملكة المغربية عبر كل المواقع والوسائل الإعلامية، واستعدائها بشكل لا مثيل له في كل بقاع العالم.
الدراجي في قلب المشروع العسكري..
وكان المدعو حفيظ دراجي الواصف الرياضي إحدى الأدوات التي استخدمها النظام الجزائري ووظفها لعوامل كثيرة أقلها استعداده للقيام بتنفيذ المهمات القذرة.. والانخراط في الهجوم الوقح غير المسبوق على من وقفوا كرجل واحد للذود عنهم.. والوقوف في وجه الاستعمار الأجنبي لمساعدتهم على الانعتاق من شرنقة الاحتلال.
لقد بالغ هذا المعلق الكروي في تطاوله على المغرب بمناسبة وبدون مناسبة.. وتجاوز كل الحدود بصفاقة منقطعة النظير، والحال أنه كان من المفترض أن يظل منشغلا بمجاله الرياضي.. مهتما بمستجداته المتنوعة، وأخباره ذات الصلة بالطرق البيداغوجية الحديثة، المرتبطة بعالم التعليق الرياضي.. والنقل الجاد والمسؤول، لمجريات أطوار المقابلات الكروية، برؤية موضوعية بعيدا عن الصياح والحماسة المصطنعة.
وفي هذا السياق أكتفي بالإشارة إلى شريط فيديو “جديد” خصصه هذا “المعلق” مرة أخرى “للحديث” عن المغرب تحت الأوامر العسكرية اليومية الصادرة إليه من قصر المرادية.. حيث عبر عن ضيقه وأسفه ورفضه “للحملة الشرسة” لمن لا يتوقفون عن “هجماتهم الظالمة على بلاد الشهداء”.. حملة التشكيك في “كل ما هو جزائري”! الهوية والماضي والثورة والجغرافية.. وصرح بدعمه فكرة “اللاعودة” في موضوع العلاقة الجزائرية المغربية، ودعا المواطنين الجزائريين (كذا) إلى الالتفاف حول وطنهم.. لا بل وضرورة إعادة النظر في المناهج التعليمية وتكليف الإعلاميين والسياسيين والعسكريين والمثقفين.. ورجال الدنيا والدين للاستعداد “لأم المعارك” في حرب “مقدسة” أمام العدو المغربي!
هبوط أخلاقي مقرف..
مقرف جدا هذا الهبوط الأخلاقي المدوي، وهذا السعار الدموي النزق!.. مؤلم جدا هذه النزعة الغوغائية والميل الجاهلي إلى الكراهية المجانية، من واصف كروي كان من المفترض أن ينهج سبيل الروح الرياضية.. وينزع نحو زرع بذور الأخوة والصداقة والانفتاح بين شعبين محكوم عليهما بالحياة الإنسانية المشرفة.. حيث العمل والطموح والأحلام المشتركة.
لقد أمضى الساسة الجزائريون زهاء ستين سنة في تآمرهم على المصالح الحيوية للمملكة المغربية.. ومساندتهم غير المشروطة لكل من يهدد وحدتها الترابية وتقسيمها، وتمويله وتسليحه وحمايته والدفاع عن الانفصاليين في كل المحافل الإقليمية والدولية بملايير النفط والغاز.. حتى ولو كان ذلك على حساب الشعب الجزائري المقهور.
ولم يقتصر العداء للمغرب على التحريض المادي والمعنوي واللوجستيكي، بل إن الأمر تجاوز ذلك بكثير نحو قطع العلاقات الديبلوماسية وغلق الحدود البرية والأجواء في وجه الطيران المغربي.. وإيقاف العمل بأنبوب الغاز المغاربي، واختلاق الأكاذيب والتهم الغرائبية وإلصاقها بالعدو الأبدي.. وطرد الساكنة المغربية في كل وقت وحين لا لذنب اقترفته.
وأخيرا عرف العالم مع من حشرنا الله في الجوار..
لقد أصبح العالم يدرك بكامل الوضوح أن يافطة اللاعودة التي أخذت الدولة العسكرية ترفعها “مؤخرا”.. ما هي إلا ترجمة ملموسة للانهيار القيمي، واعتراف بالهزيمة أمام الجار المغربي.. الذي اجترح لنفسه نهجا سياسيا يقوم على التعددية والانفتاح والتعايش مع الآخرين، دون عقد ومركبات نقص وأمراض نفسية مستعصية!
صفوة القول أنه كان على حفيظ دراجي المثير للجدل، أن يعلن النفير لإسقاط التحكم العسكري والمطالبة بالدولة المدنية.. وإقامة نسق ديمقراطي تعددي حيث الفصل بين السلطات والتداول السلمي على الحكم، واستقلال القضاء والإعلام، بدل رفض اليد المغربية الممدودة!