تمغربيت:
* سياق معركة إنغير سنة 1900م.
اليوم تمر 123 سنة وشهر على بداية احتلال مناطق من الصحراء الشرقية التابعة للمملكة المغربية الشريفة.. (أي بداية اقتطاع أجزاء من المملكة المغربية لصالح فرنسا) منها: مناطق تديكلت – أولف – توات – رقان. حيث انتصرت القوات الفرنسية المكونة في مجملها وفي صفوفها الأمامية من جنود جزائريين.. – وبعد غدر جزائريين أيضا – في معركة “إنغير – 19 مارس 1900م” بتديكلت (عين صالح).. ضد 1300 مجاهد مغربي يقودهم باشا توات إدريس بن الكوري الشرادي. وقد إستشهد في هذه المعركة 600 شهيد وألقي القبض على 450 أسيرا مغربيا، ضمنهم باشا توات إدريس بن الكوري.
هذه المعركة، وقعت في سياق اتخاذ فرنسا قرار التوسع جنوبا.. وهذه شهادة للتاريخ ووثقها التاريخ، بعد 70 سنة من دخولها جغرافيا الجزائر التي كانت بعض مناطقها الشمالية فقط، تابعة للحكم العثماني التركي، ورثتها عنها فرنسا الكولونيالية ابتداء من 1830 فما بعد.. نعم بعد 70 سنة.. ستتوسع هذه الجغرافيا الفرنسية (الجزائرية فيما بعد) بعد 70 سنة.. وبعد هذه المعركة الحاسمة تمكنت فرنسا من التوسع وضم المناطق تلو المناطق إلى أن سيطرت على كل ما يعرف بالصحراء الشرقية المغربية.
* فما قصة هذه المنطقة ومن هو الباشا المسؤول عليها؟
قبل أن تسيطر القوات الفرنسية الكولونيالية على هذه المناطق وتضمها إلى الجزائر الفرنسية l’Algérie Française بعد 70 سنة من دخولها الأول إلى جغرافيا الجزائر التركية سنة 1830م. كانت ساكنتها تعقد البيعة لسلاطين المغرب، وتدعو لسلاطين الإمبراطورية الشريفة على منابر الجمعة.. كما كانت تتعامل بالعملة المغربية الخ؛ فولاؤها وبيعتها كانا لسلطان المغرب.. لا لتركيا العثمانية ولا للمستوطن الفرنسي الجديد طبعا.. مناطق كانت على المستوى الإداري ممثلة بمسؤولين مغاربة من قبيل باشوات وقياد ووو يتم تعينهم بظهائر سلطانية مباشرة من فاس (العاصمة المغربية آنذاك).
وكان الباشا إدريس بن كوري الشرادي، الذي انهزم في المعركة المشار إليها أعلاه، والمنحدر من مدينة فاس العاصمة، هو آخر مسؤول مخزني مغربي بمنطقة ادرار، قبل احتلالها من طرف فرنسا.. وقد عينه سلطان المغرب باشا على منطقة توات سنة 1886م. وعاملا على منطقة توات الكبرى منذ سنة 1896؛ ينوب فيها على السلطان في إدارة شؤونها بما في ذلك وضع قوات مخزنية رهن إشارته.. الأمر الذي مكنه من قيادة المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي سنة 1900م، بجيش قوامه 1300 مقاتل مغربي.. حيث انهزم جيشه ووقع أسيرا لدى الجيش الفرنسي.. دون إغفال غدر الجزائريين به ومحاربة الجنود الجزائريين في صفوف الجيش الفرنسي ضد المغاربة من أجل احتلال أجزاء من المملكة الشريفة لصالح فرنسا الكولونيالية.
* نقول أخيرا لفرنسا والجزائر :
إذا تمكن الاحتلال الفرنسي من تغيير جغرافيا المنطقة ورسم خرائط جديدة.. وإذا تمكنت الجزائر من تقرير هذا التغيير الجغرافي والرضى بخريطة سطرها الاحتلال بمسمى وعنوان “الحدود الموروثة عن الاستعمار”.. فلا يمكن بأي حال، تغيير التاريخ وما أثبته التاريخ.. فالتاريخ يبقى تاريخا.. والتاريخ لمن لا يعلم، يُعْنى بالأحداث.. ويُعنى بسياق وسيرورة الأحداث.. ويُعنى بالوثيقة والتوثيق التاريخي..