تمغربيت:
*تقديم
بمشاعر الإحساس بالعجز والألم.. استقبل الجزائريون تحدي د. عبد الحق الصنايبي الموجه للمؤرخين والباحثين أولا، والمهرجين والعامة من الجزائريين أيضا.. فقد بقي السؤال/التحدي بلا جواب إلى يومنا.. ولسان حال بلاد شرق ما وراء نقطة “جوج بغال” الحدودية هو صمت القبور وجو جنائزي مهيب.
والسؤال بقدر بساطته ووضوحه، وبقدر وجاهته وجرأته.. وبقدر سهولة البحث فيه بواسطة أي محرك بحث رقمي أو كتاب تاريخ مرجعي.. بقدر صعوبته أيضا.. لما يترتب على الإجابة عليه من إحراج وعقدة تاريخية تدور حول الذاكرة الجمعية والأرشيف واللا تاريخ واللا هوية. وما يترتب أيضا عليه من تعرية لما طال تاريخ تلك الجغرافيا من تزوير.
صعوبة السؤال تكمن في أن الجواب البديهي عليه نتيجته الوحيدة هي القول بأن؛ لا دولة ولا أمة ولا هم يحزنون، تشكلت في فترة من فترات التاريخ على أرض تلك الجغرافيا التي حكمها كل من استطاع إليها سبيلا.
والسؤال/التحدي يمكن بسطه على الشكل التالي:
“لماذا كان يُعيَّن قناصله في جغرافيا الجزائر مقابل سفراء من/في المغرب؟”
و “هل سمعتم بسفير ما من دولة ما عُين بإيالة ووصاية الجزائر قبل 62؟”
على اعتبار أن السفراء يعينون بعواصم الدول بينما القناصلة يعينون بالأقاليم والولايات والجهات -بْرْكْ-
* ليت “الخبير” فيهم سكت
للأمانة وبعد عدة أيام من الإحراج. انبرى اثنان من “أكابرهم وخبرائهم” -علما أن صفة دكتور أو خبير أو مختص في بلاد هوووك لا يساوي قيمة بصلة كما نقول..
أحدهم هو “أمين كرطالي” الذي يقدم نفسه كباحث في التاريخ وأستاذ جامعي في مادة التأريخ بجامعة المدية بالجزائر، ومهتم بالتاريخ العالمي والشؤون السياسية.. وهو صاحب كتاب “سلطة شيوخ القبائل الهلالية في الجزائر” – من العيار الثقيل ما شاء الله –
إجابته على شكل تغريدة أو “تويتة” و بكل أمانة كانت كالتالي كما هي في حسابه:
” سؤال تافه وسخيف.. أعطيك اسمين فقط:
🔸 القنصل الأمريكي وليام شارل قنصل أمريكا إلى الجزائر (1816_1824)
🔸بيار دوفال آخر قنصل لفرنسا بالجزائر (1758-1829) والذي تسبب في حادثة المروحة”
ففضلا على الثقة الزائدة وسوء الأدب الذي لا مبرر له في سياق الرد.. صاحبنا يخلط بين تاريخ الولادة (1758-1829) أي 71سنة.. وبين فترة مهمة دوفال كقنصل بوصاية الجزائر التركية (1814-1827) أي 13 سنة.. وتركيزنا على هذا الخلط ليس من قبيل الصدفة من جانبنا ولا من قبيل الخطأ أو السهو من جانبه.. فالرجل خطف العبارة دون تفكير من ويكيبيديا (حبيبة الجزائريين التي يكتب فيها كل من هب ودب ولا تعد مرجعا). ولكم الفقرة التي استند عليها، لعلكم تشهدون ثم تحكمون، واضعين نصب أعيننا كلام الملكة بلقيس الذي أقره الوحي، فنقول ما تقول: “قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ”
قالت لالة العروسة ويكيبيديا: “القنصل بيار دوفال هو آخر قنصل لفرنسا بالجزائر (1758-1829) ارتبط اسمه بحادثة المروحة الشهيرة، التي اتخذتها فرنسا ذريعة لاحتلال الجزائر، إلا أن المؤرخين قد اختلفوا في حقيقة القنصل دوفال المعني بهذه الحادثة، فمنهم من ادعى أنه بيير دوفال، بينما نسب البعض الآخر تلك الحادثة إلى القنصل شارل دوفال.[2][3]”
قبضناه قِطّي متلبس بالسرقة الموصوفة دون مراجعة ولا تفكير.. فهذا مبلغهم من العلم.
لكن الأهم في نظرنا يكمن في أن هذا الخبير من العيار الثقيل الذي يستحق التبجيل.. وقع في المحظور وهو يجيب الدكتور.. دون التدقيق باتباع صنعة التحقيق.. فساوى بين القنصل والسفير كما يساوي الجاهل بين التبن والشعير.
فيا ليته سكت، ويا ليته اطلع على قصاصة وكالة الأنباء الجزائرية APS -برك- التي نشرتها سنة 2022 بمناسبة عيد استقلال بلده، منتشيه ببلاغ صادر عن البرلمان البريطاني العظيم عظمة بريطانيا: “البرلمان البريطاني يحيي الذكرى ال 60 لإقامة العلاقات الجزائرية البريطانية”. اي ان اول علاقة جزائرية كدولة لا تزيد على 60 عاما..
وبما أن السياق يفرض علينا المقارنة.. مع أن تاريخ مملكة كدولة أمة وأقدم مملكة مستمرة على وجه الكرة الأرضية إلى يوم الناس هذا، عمرها 1234 سنة فضلا عن 3000 سنة من الإرث الأمازيغي، لا يجوز مقارنته بشبه دولة ناشئة بخلقة مشوهة، عقلا وشرعا وقانونا. فتوضيح معنى التحدي؛ يفرض علينا توضيح الفرق بين القنصل والسفير لهذا الدكتور المبتدئ. وذلك ببسط بلاغ وزارة الخارجية البريطانية التابعة لنفس الدولة البريطانية العظمى التي ذكرناها أعلاه سنة 2013 : “عام 2013 يصادف مرور 800 عام على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا والمغرب.”
هذا لْمّْنْ يقولوا علاقات دبلوماسية بين دولة ودولة، ودولة أمة ودولة أمة، وإمبراطورية بريطانية وإمبراطورية شريفة.. موثقة مؤرخة يُستَشهد بها إلى يوم الناس هذا على أعلى المستويات.. يا دكاترة ويكيبيديا