تمغربيت:
* تقديم
استقبلت قناة أسعد الشرعي في أولى حلقاتها الرمضانية، د. عبد الحق الصنايبي كأول ضيف اشتهر ببرنامجه الفريد والخاص به: الثقة فالوثيقة، معتمدا على وثائق دامغة لا تخرج عن مصادر ومراجع جزائرية تعود لقادة تاريخيين جزائريين أو دبلوماسيين فرنسيين، أو مؤرخين أتراك، إمعانا في الموضوعية والعلمية التي يتطلبها أي كلام أو نبش أو نقاش أو بحث في التاريخ.
وفي طرح من طرف الشرعي حول مدى جدوى ذكر وحفظ والتغني بالتاريخ مهما كان عظيما.. جاء تنبيه الدكتور الصنايبي على الشكل الآتي:
* ربط الماضي بالحاضر
فالأمر لا يتعلق بترف فكري أو افتخار ونفخ في الذات بقدر ما يعبر عن ربط للماضي بالحاضر ونهوض ونهضة من جديد بعد تعثر، في صيرورة واستمرارية للدور الريادي التاريخي والحضاري الذي لعبته المملكة الشريفة منذ قرون بالغرب الإسلامي وشمال إفريقيا والأندلس.
والموضوع يجرنا للكلام عن التاريخ الذي لا يمكن التفريط فيه بأي حال. بل بالعكس، البناء عليه وعلى تجاربه وتراكماته. هل تعلمون أن مغرب اليوم مازال ملتزما باتفاقيات وُقِّعت في ماضيه القريب والبعيد؟ والحال كذلك؛ لا يمكن الكلام عن “الدولة” إذا لم تكن هناك “استمرارية للدولة”.. لا يمكن بحال من الأحوال نسيان، حفاظ والتزام المملكة المغربية إلى يومنا هذا، على اتفاقيات ومواثيق دولية تعود إلى قرون قد تم التوقيع عليها على عهد أحمد المنصور الذهبي في القرن 15، وقبله على عهد السلطان محمد الشيخ، وكذا على عهد السلطان المولى اسماعيل في القرن 17 وعلى اتفاقيات في القرن 18. وأخرى منذ قرن.. وبالتالي لا يمكن فصل التاريخ عن الدولة (التاريخية) وحاضر الدولة، او فصل مغرب الأمس عن مغرب اليوم. فنحن نعتقد على أن الإرث التاريخي والثقافي والحضاري لأي دولة يُشَكل قيمة مضافة لها. وهو ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس في مجموعة من الخطب المولوية، على اعتبار أن المملكة المغربية دولة أمة يتجاوز تاريخها 12 قرنا من الوجود والتواجد المادي والسياسي. إضافة إلى قرون من التواجد الأمازيغي الذي لا يمكن إسقاطه من مجموع تاريخ الأمة المغربية.
كما نعتقد أن قوة التاريخ (أو القوة التي يمثلها التاريخ) كمكون وجزء لا يتجزأ من المكون التراثي والثقافي والحضاري يضيف قيمته لقوة الدولة والأمة.. لذلك نجد أن الدول العظمى تتحدث عن المملكة المغربية بخلفيتها التاريخية والحضارية.. وأيضا بما تمتلكه المملكة حاضرا من أدوات ووسائل بالمفهوم الاستراتيجي المعاصر، التي تعطيها هامشا كبيرا من المناورة مما يجعل المغرب يمتلك قاعدة مهمة من الاختيارات عبر دبلوماسية المحاور (فالمغرب لم يعد تلك الدولة التي تعتمد كلية على فرنسا أو دولا بعينها) فقد ربط علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع دول أوربية ومع الاتحاد الأوربي ومع دول مجلس التعاون الخليجي ومع دول غرب إفريقيا (مجموعة سيدياو Cedeao) ودول أخرى بأمريكا اللاتينية الخ.
لذلك أوصى بومدين المقربين منه من الجزائريين أن لا يدخلوا في نقاشات وحرب تاريخية مع المغاربة لأنها حرب خاسرة.