تمغربيت:
* تقديم
ينقلنا د. عبد الحق الصنايبي بين صفحات (39-45) من كتاب “محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية الاحتلال) للمؤرخ الجزائري” ابو القاسم سعد الله”: ليكشف لنا عن :
– نفوذ الأتراك على أجزاء متفرقة من جغرافية شمال الجزائر الحالية فقط؛ دون صحراء ليبيا وصحراء تونس وصحراء المغرب الشرقية وصحراء الطوارق التي ستضمها فرنسا لنفسها، قبل أن تتركها لجزائر 62.
– الإنزال الفرنسي بسيدي فرج 1830 الذي لم يلق أية مقاومة من طرف الأهالي الجزائريين.
* الجزائر التركية عبارة عن جزء من شمال الجزائر الفرنسية ما بعد 62.
يقول المؤلف: “أرسل الحسين باشا المراسيل الى داخل البلاد يدعون الى الجهاد ضد الفرنسيين. وقد استجاب لندائه الرسميون والأهالي على السواء. فوعده الحاج أحمد باي قسنطينة ب30 ألف محارب. ووعد حسن باي وهران ب6 آلاف محارب…. ووعد مصطفى بومزراق باي التيطري ب 20 ألف محارب. وجمع شيوخ جرجرة بين 16 و18 ألف محارب وجمع أهالي ميزاب حوالي 4 آلاف محارب. … وأمر الباشا ايضا بإجراء إحصاء لعمال مدينة الجزائر وارسالهم الى القلاع للدفاع عنها.” ص.39-40
إشارة تاريخية..
إنها إشارة تاريخية بالغة الأهمية من طرف المؤرخ، تدلنا على رقعة وجغرافية النفوذ التركي على الجزائر -قُبَيْل دخول فرنسا- وهي المذكورة ضمن ما سماه “داخل البلاد” وهي أقاليم: (قسنطينة – وهران – التيطري – جرجرة – ميزاب – وطبعا مدينة الجزائر).
والميزاب تقع جنوب الجزائر العاصمة وشمال الصحراء.. كل هذه المناطق تقع جغرافيّا بشمال الجزائر الحالية.. ولا وجود لصحراء ليبيا ولا لصحراء تونس ولا لصحراء المغرب الشرقية ولا لصحراء الطوارق ضمن “داخل البلاد” التابع لسلطة وحكم واحتلال الأتراك.. صحاري ستضمها فرنسا لجغرافيتها الخاصة فيما بعد، قبل أن تتركها للجزائر بعد انفصال 62 بتقرير مصير مُتفَق عليه حسب شروط اتفاقيات ايفيان.
ما فعلته فرنسا (قرن الشيطان وأم الخبائث) من سرقة لصحاري شاسعة جدا من جميع البلاد المجاورة للجزء الشمالي من الجزائر.. تم ضمها لجزائر ما بعد الانفصال/ الاستقلال، جريمة في حق شعوب تلك البلدان.. وقنابل قابلة للانفجار في أي وقت بين بلدان المنطقة (ببن ليببا والجزائر – تونس والجزائر – المغرب والجزائر).
* وعود رئيس الجمهورية الكاذبة اليوم تراث قديم
أما الأعداد بعشرات الألوف التي وعدوها للحسين باشا، فلم يكن من أمرها شيء. حيث يقول الشيخ:
” وفي اليوم الذي نزل فيه الجيش الفرنسي إلى سيدي فرج لم يكن هناك لا مدافع ولا خنادق.. ولم يكن لدى الآغا إبراهيم أكثر من 300 فارس.. وكان باي قسنطينة لا يملك الا عددا قليلا من المحاربين.. أما باي التيطري فقد كان ما يزال في عاصمة إقليمه (المدية)…الخ” ص. 40
* إنزال سبدي فرج 1830م. بدون اية مقاومة
أما إنزال الفرنسيين بسيدي فرج، والذي يقول عنه زين الأسامي أنه شهد مقاومة شرسة وبلا بلا بلا.. ليعلن للعالم على رقم 5.630.000 شهيد.. على اعتبار أن مكة الثوار حاربت فرنسا منذ 1830.. فشيخ المؤرخين يُكَذِّبه ويقول عكسه تماما حيث يؤكد أنها لم تكن هناك مقاومة البتة خلال هذا الإنزال الشهير. وأكثر من ذلك فالأهالي الجزائريون وصفوا فرنسا بأنها أمة شريفة تحترم وتُقَدر تعهداتها والتزاماتها ووعودها.. وأن الفرنسيين لن يعتدوا عليهم أبدا. وعليه، أرسلوا للداي الحسين أعيانهم لمنعه من محاربة فرنسا.. وهو ما يتوافق مع قول المؤرخ وليام سبنسر في مؤلفه “الجزائر على عهد رياس البحر” حيث يذكر هو الآخر إن فرنسا دخلت الجزائر بدون أدنى مقاومة.
قال صاحبنا..
يقول صاحبنا: “وشيئا فشيئا بدأت روح الهزيمة تدب في صفوف أوصال الجهاز الإداري وأوصال الجهاز الاجتماعي أيضا. وقد كان البيان الذي وزعه الفرنسيون بمهارة تأثير كبير على بعض الأشخاص الذين يسمون أنفسهم بالمعتدلين. وكان هؤلاء (أي الأهالي الجزائريون) قد اقتنعوا بأن الفرنسيين قد جاؤوا حقا “مُحرِّرين” للجزائريين من سلطة الأتراك.. بل واعتقدوا أن فرنسا المتحضرة لا يمكن أن تعِد بشيء إلا إذا كانت راغبة في التنفيذ. فأصبح هؤلاء من أصحاب الحل السلمي. وقد تسبب البيان “الغامض الفارغ” الذي كان مقصودا به الدعاية فقط، في “شل الطاقة المحاربة” لدى بعض الجزائريين” ص.45
طبيعة الأهالي..
وهذا يعطينا فكرة عن طبيعة الأهالي الجزائريين منذ قرون؛ طبيعة لشخصية تمتلك تلك القابلية للاستعمار بدون أدنى عقدة. فهم كما ينقل شيخ المؤرخين ينتقلون من سلطة الأتراك أو احتلال الاتراك إلى المحرر الفرنسي أو المحتل الفرنسي بشكل عادي، طبيعي وسلِس. (وكان هؤلاء قد اقتنعوا بأن الفرنسيين قد جاؤوا حقا “محررين” للجزائريين من سلطة الأتراك).
وهذا يؤكد لنا أيضا بأن دخول فرنسا سنة 1830 تم دون مقاومة من طرف الأهالي بتعبير المؤلف (في”شل الطاقة المحاربة” لدى بعض الجزائريين).. الجزائريون إذا باعتراف الشيخ لم يحاربوا ولم يقاوموا الدخول الفرنسي؛ وكأن أمر السلطة ومن يحكمهم، عندهم سواء؛ أتراكا كانوا أم فرنسيين لا يهم. فهم في كلتا الحالتين محكومين خاضعين مطائطئي الرؤوس!
صدق المؤرخ وصدقت الوثيقة التاريخية.. وكذب فخامة الرئيس عبد المجيد زين الأسامي وقبله بن بلة وقبله عبد الناصر فلا وجود لمليون ولا مليون ونصف ولا 5.630.000 من الشوووهاااضااا.