د وتمغربيت:
في هذا الجزء الثالث، يقف د. عبد الحق الصنايبي مع الصفحات من 19 إلى 24.. من كتاب محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث (بداية الاحتلال) لمؤلفه “ابو القاسم سعد الله”، وفصله الأول بعنوان: الحملة الفرنسية على الجزائر. (1)
* في عهد نابليون كان المغرب دولة يا أصحاب ليوطي وفاس مراكش وبلا بلا..
يقول المؤلف: (كان نابليون يحلم بجعل البحر الأبيض المتوسط بحيرة فرنسية.. لذلك كان يخطط لحملة كبيرة ضد دول المغرب العربي الأربع وإقامة مستعمرات عسكرية فرنسية هناك وإضافة المنطقة إلى أجزاء امبراطوريته في البحر المذكور.) ص.19
وهي نفس أحلام اليقظة التي تراود حاليا ماكرون والدولة العميقة بفرنسا؛ الدكتور الصنايبي معلقا.
كما أن شيخ المزورين، عفوا المؤرخين.. ورغم أن جغرافيا الجزائر لم تكن دولة وإنما إيالة وإقليما تابعا للأتراك العثمانيين.. فهو يتكلم عنها كما سبق في الصفحات السابقة على أنها دولة من بين دول المغرب العربي آنذاك ! وهو نفس نهج سرقات التراث والثقافة المغربية باسم “المغرب العربي الكبير ومغاربي والتاريخ المشترك وبلابلابلا.. التي يكذبها التأريخ الأكاديمي.. قلنا بأن “شيخ المزورين” يذكر اسم الجزائر وكأنها دولة.. مع أنه يذكر في نفس الصفحة كلا من قنصل نابليون من جهة فرنسا وحاكم إقليم الجزائر الباشا مصطفى -التركي- وما دار بينهما من مراسلات. كما يذكر في الكتاب كثيرا من الباشوات الذين تناوبوا على حكم إقليم الجزائر مثل الباشا الحسين والباشا علي خوخة وغيرهم. فكيف للجزائر ان تكون دولة ويحكمها أتراك يأتمرون بأوامر يلطان الأستانة بإسطنبول؟!
-لكن ما يهمنا أكثر هو قوله وذكره لدول المغرب العربي الأربعة بمعنى (ليبيا-تونس-الجزائر التركية- ودولة المغرب) حينما يقول: ” .. لذلك كان يخطط لحملة كبيرة ضد دول المغرب العربي الأربع .. “
وبالتالي نحيل أمثال دومير (طبيب الحيوان ومؤرخ الحزائر!!!) وكذا مزوروا التاريخ ومن على شاكلتهم.. ممن يتغنون بمقولات ليوطي صانع المغرب ومملكة فاس ومملكة مراكش وبلا بلا بلا. نحيلهم على كبير وشيخ مؤرخيهم الذي يذكر “دولة المغرب” في عهد نابليون أي في القرن 18 وبداية القرن 19ميلادي. في عهد جد ليوطي.. ولَمّا يولد ليوطي بعد!
* فرنسا تعين سفيرا بعاصمة الدولة العثمانية وقنصلا بإقليمها الجزائر التابع لها.. الدلالات:
– يتكلم المؤلف في ص 22 وص 24 حول تعيين القنصل الفرنسي بيير دوفال Pierre-Duval.. بإقليم الجزائر التركية بعد موافقة السلطان العثماني بالأستاتة العثمانية طبعا فيقول:
(وبعد مؤتمر فيينا، عينت فرنسا قنصلا لها بالجزائر، وهو بيير دوفال Duval،في 28 أوت 1815م.)
أمر مضحك؛ فالدكتور! بل وشيخ المؤرخين! لا يستطيع كتابة شهر غشت بالعربية الفصحى ويكتبه كما يُنطَق بالفرنسية – اوت Aout- !!
يضيف الشيخ “كان دوفال المذكور ابنا لمترجم فرنسي كان يعمل في السفارة الفرنسبة في اسطنبول. وقد تولى جميع مهامه القنصلية في قنصليات فرنسا بآسيا الصغرى. وكان يتكلم العربية والتركية.).. (ومما يذكر أنه سلم دون بقية القناصل الأجانب، الجزائريين الذين كانوا في خدمته إلى السلطات المحيلة اثناء ثورة 1823) ص 22.
كما يقول ايضا في ص 24 : (وبمناسبة عيد الأضحى الذي صادف 29 أبريل 1827، وقعت ضربة المروحة المشهورة. فقد حضر كالعادة القناصل الأجانب، ومن بينهم دوفال، لتهنئة الباشا.)
لقد وقعنا في الفخ..
مما مرّ، يلتقط د. الصنايبي ذكر اسم القنصل فيما يخص الجزائر والسفير بالعاصمة العثمانية.. ليشير بتحليل ذكي ودقيق، وفي قراءة بين السطور الى الفرق بين تعيين قنصل بإيالة الجزائر.. وسفير بإسطنبول العاصمة؛ باعتبار رتبة قنصل كتمثيلية دبلوماسية أقل من رتبة سفير في هرم التمثيلية الظبلوماسية: فالسفارة لا تكون إلا واحدة، ممثلة بسفير واحد في كل دولة من الدولتين، وموقعها هي عاصمة الدولتين هنا وهناك.. بينما يمكن ان تُمثَّل الدولة بعدة قناصل بالجهات والأقاليم والولايات التابعة للدولتين المعنيتين. وبالتالي يعين السفراء وممثلين الدولتين بعواصمهما بينما يتم تعيين القناصلة في الأقاليم أو الإيالات والجهات..
إن المؤلف، وهو يذكر تمثيلية السفارة بين فرنسا واسطنبول، يُقر بأن الأمر يتعلق بتمثيل دبلوماسي بين دولتين.. بينما وهو يذكر تمثيلية القنصل بالجزائر فالأمر إذا يتعلق باقليم وإيالة وإقليم تابع لتركيا العثمانية ليس إلا.. ولا مجال لذكر جزائر دولة أو دولة الجزائر.
وبالتالي حين نقول ونكرر دوما، لدومير (البيطري المؤرخ!) وغيره من مزوري التاريخ.. إن الجزائر لم تكن دولة؛ فلأن هذا الإقرار موثق في مجال التأريخ الأكاديمي.. والتمثيل الدبلوماسي بين الدول والأقاليم، كما يؤكده تصريحا أحيانا وضمنيا أحيانا، شيخ المؤرخين الجزائريين في كتابه هذا من خلال ذكره لتواجد سفارة بإسطنبول وقنصلية باقليمها الجزائر التركية.
– فإذا كان هذا حال إيالة الجزائر العثمانية.. لا يتواجد بها اي سفير من دولة أخرى.. ففي هذا التاريخ وقبل هذا التاريخ، كان هناك سفراء مغاربة بدول أخرى كما كان لدول أخرى سفراء بالمغرب لانها كانت دولة أمة وامبراطورية ومملكة شريفة.
(1) المرجو متابعة د. عبد الحق الصنايبي وحلقات “الثقة فالوثيقة” على قناته على اليوتيوب: