تمغربيت:
ذكرنا في الجزء الأول من المقالة تشابه وتشارك غالبية الأنظمة الجمهورية في البلاد العربية في كونها أنظمة عسكرية دكتاتورية اولا وأساسا. وبأن النظام الجزائري شبيه بنظام الأسد السوري، وهما شبيهان بأنظمة السودان واليمن الجنوبي الاشتراكي، والكل شبيه بنظام القدافي الليبي وهكذا.
النظام الجزائري والسوري.. وجهان لعملة واحدة
ولنقارن الآن ونقابل بين نظامين فقط، لتتضح الصورة أكثر.. ولنأخذ النظام الجزائري العسكري الدكتاتوري ونظام بشار السفاح كمثال. خصوصا بعدما شاهدناه من استغلال بشع من طرف نظام الكابرانات لكارثة زلزال سوريا.. من أجل مساعدة ودعم وإنقاذ نظام بشار السفاح، ومحاولة رفع الحظر والعزلة عنه. بل هناك من المعلومات ما يشير إلى دعم هذا النظام بأسلحة تحت غطاء إعانات.. إعانات لم ولن تصل إلى الشمال السوري المعارض للنظام اولا والذي يعد خارج سيطرة دمشق اصلا ثانيا.
الانقلاب هي الصفة الجامعة بين النظامين..
– فالنظامان تأسسا على الانقلابات العسكرية؛ ففي سوريا تم انقلاب 1970م على الشرعية والملكية. كما هو الحال في الجزائر حيث تم الانقلاب الأول على يد بن بلة 1962م على الحكومة المؤقتة ورئيسها فرحات عباس.. ثم الانقلاب رقم 2 عام 1965م. على بن بلة نفسه من طرف رفيق العمر والدرب والنضال!!! المدعو الهواري بومدين. ناهيك عن إقالة الشاذلي بن جديد واغتيال بوضياف.
– والنظامان المتشابهان ايضا قاما بمجازر وحروب إبادة ضد شعبيهما؛
ففي الجزائر، قام النظام الجزائري بقمع الحركات والأصوات بمنطقة القبايل -فيما سمي بالربيع الأمازيغي (الثقافي)- سنة1980م. والتي أغلب من قادها كانوا من ابناء شهداء حرب التحرير.. (منهم على سبيل الحصر: فرحات مهني – سعيد سعدي- نور الدين آيت حمودة – مولود لوناوسي- رشيد حالت. والقائمة طويلة).
بعدها، انفجر الشعب فقام بانتفاضة وثورة أكتوبر 1988م.. والتي سميت ب “الربيع الجزائري” كمظهر لصراع بين الدولة والمجتمع. مجتمع أغلبه شبابه ما بعد الاستقلال، لا تنطوي عليه دغدغة المشاعر وخطابات التحرر وكذبة ملايين الشوهاااضا وبلا بلا. والذي سئِم من القيود فلم يعد قادرا على الانتماء لبلد غير ديمقراطي يحكمه الحزب الواحد الأحد FLN.. باسم الثورة والاستقلال والشوهاضا، ليستولي وبستحوذ باسمها في واقع الأمر على السلطة ومزايا السلطة.
وبعد ثلاث سنين فقط، على إثر نجاح الجبهة الإسلامية للإنقاذ FIS، في الانتخابات التشريعية، سنة 1991م.. سقطت الجزائر في مستنقع من الدماء، بعدما قام النظام الجزائري الميؤوس منه بإلغاء نتائج الانتخابات، ثم الانقلاب على الإسلاميين وعلى الديمقراطية. فكانت البداية لحرب أهلية سميت بالعشرية السوداء (26 ديسمبر 1991 – 8 فبراير 2002).. وقد تمت تحت عيون ودعم تام من النظام الفرنسي الوصي والراعي والحامي للسلطة العسكرية بالجزائر.. انتقاما من الإسلاميين وكل من صوت عليهم من الشعب، حيث ذبح العسكر الحاكم ربع مليون جزائري وتسبب في نفي وهروب عشرات الآلاف خارج الجزائر.. فضلا عن 50 ألف مفقود لا يعرف مصيرهم إلى يوم الناس هذا.
الربيع الأمازيعي في القبايل..
وفي سنة 2001. كان أحرار القبايل في موعد مع الربيع الأمازيغي الأسود. حيث سقط في التظاهرة التي تمت مشيا على الأقدام نحو العاصمة، 120 شهيدا امازيغيا. حراك بعد حراك بعد حراك، انتصارا للهوية واللغة الأمازيغية. إلى أن تطور الأمر (فيما بعد اليأس) من هذا النظام العسكري الحَرْكي الفْرنْساوي، إلى حراك من أجل استقلال “فيدرالية القبايل” ثم الى حكومة في المنفى تحت رئاسة فرحات مهني (فرحات إيمازبغن إيمولا).
وعلى نفس المنوال في سوريا الدكتاتورية، قام نظام حافظ الأسد بمجزرة حماه 1982 حيث ضرب المدينة بما فيها ومن فيها بالمدافع والطيران، قبل اجتياحها عسكريا، حيث تم قتل ما لا يقل عن 20 الفا من سكانها إلى 40 ألفا حسب روايات أخرى، و15 الف مفقود إلى يوم الناس هذا. ناهيك عن الاسرى بالآلاف.. مجازر رهيبة تمت تحت أنظار وصمت أو مباركة الغرب وإسرائيل.
اما نظام الابن بشار، فقد فاق نظام الأب. حيث واجه انتفاضة وثورة ما سمي ب”الربيع العربي 2011″ بالحديد والنار متشبثا بالسلطة على طريقة الوالد حافظ الأسد. حيث قتل أكثر من مليون سوري و هجر أكثر من 11 مليون آخرين. ورهَن سوريا لنظام الملالي الإيراني من جهة والسيطرة الروسية من جهة أخرى.
ومن غريب المتشابهات بين هذين النظامين.. اعتماد مخابراتهما واجهزتهما الأمنية على نفس الأساليب القذرة من قبيل -على سبيل المثال لا الحصر- اختطاف وسجن وتعذيب أفراد أسر المعارضين ايضا من الوالدين أو الزوجات أو الإخوان والأبناء.. وما اختطاف والدة واخت المعارِضة والناشطة الجزائرية أميرة بوراوي ببعيد عنا! وهو نفس ما كان يفعله الفرنسيون مع بعض أقارب المجاهدين. وما ذبح وقطع رؤوس كل أفراد أسر الإسلاميين أو من صوت عليهم وحرق وقتل ساكنة مداشر بأكملها إلا نماذج لهذه الأساليب القذرة لإرهاب الدولة والنظام الجزائري الخْرْكي..
وفي سوريا ايضا، كمثال فقط؛ كان يؤتى بزوجات المعارضين ليُغتصَبن أمام أعين السجناء المعارضين للنظام تماما كما كان يفعل المارينز في الفيتنام.
فسبحان الذي جعل من الشبه شبيهَيْنْ!