تمغربيت:
البشير الحداد الكبير*
سنبدأ هذا التحليل بمقتطف من الخطاب التاريخي الملكي السامي بأديس أبابا.. بمناسبة عودة المغرب للإتحاد الإفريقي بتاريخ 31 يناير 2017، حيث قال الملك محمد السادس نصره الله وأيده: “كم هو جميل هذا اليوم.. الذي أعود فيه إلى البيت، بعد غياب طويل.. كم هو جميل هذا اليوم،الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه، فإفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرا إلى بيتي.”
المغرب الغابون.. خاوة خاوة
لقد قام جلالة الملك بزيارة لدولة الغابون، وقدم هبة مولوية متمثلة في الأسمدة.. وهذا يحمل دلالات رمزية وإنسانية من جلالة الملك.. بل أكثر من ذلك يؤكد على العمق المغربي الإفريقي، وعلى أواصر العلاقات المغربية مع الدول الإفريقية.
وإذا عدنا قبل سنتين سنجد أن المغرب قدم مساعدات للعديد من الدول الإفريقية في ظل جائحة كورونا.. تفعيلا للمقولة الشهيرة :”الصديق وقت الضيق”.. وهو ما يؤكد بأن الديبلوماسية الملكية الناعمة تتميز بتعزيز التعاون والتضامن مع الدول الإفريقية.. تماشيا مع ديباجة دستور 2011 الذي يؤكد على التعاون جنوب جنوب.
الأمن الغذائي لإفريقيا مقدم على المزايدات السياسية..
في هذا السياق، تأتي هذه الهبة الملكية في سياق صعب تمر منه دولة الغابون من أجل مواجهة مشاكل الأمن الغذائي.. وبالتالي عدم تأثر المؤشرات الاقتصادية في هذا البلد الشقيق.
إن العلاقات المغربية الغابونية متميزة يطبعها جو من التعاون والثقة، حيث أن الغابون تدعم وحدتنا الترابية، فالغابون قامت بفتح قنصليتها سنة 2020 بمدينة العيون المغربية.. ومما لا شك فيه أن العمق المغربي الإفريقي يزعج أعداء وحدتنا الترابية، في ظل إجماع الأفارقة على تبني الرؤية المغربية في تدبير الأزمات واستشراف المستقبل.
إن الدعم والتضامن المغربي مع الدول الإفريقية ليس وليد اللحظة، فحتى قبل عودة المغرب للإتحاد الإفريقي كانت هناك علاقات وزيارات ملكية للعديد من البلدان الإفريقية. ولعل ما يميز تعاون المغرب مع الدول الإفريقية أنه لا يقتصر فقط على الميدان الفلاحي.. بل هناك تعاون في شتى المجالات الدينية الإقتصادية والإجتماعية والبيئية والثقافية.. وهناك أيضا تعاون مهم يساهم فيه المغرب بشكل كبير ويتعلق ب “التعاون الأمني”.. فالمغرب له دور فعال في ضمان الأمن والإستقرار بإفريقيا من خلال محاربة الإرهاب والتطرف والهجرة غير المشروعة والإتجار في البشر ومختلف أنواع الجرائم.. وهو ما جعل من المملكة نموذجا فريدا في هذا المجال وبلد مصدر للتجربة الأمنية نحو القارة السمراء.