تمغربيت:
في مقالة سابقة كتبنا ان إحراق المصاحف (أو أي كتاب مقدس) جريمة وتطرف يرقى إلى مستوى إرهاب.. وقلنا أن الإرهاب terrorisme لا دين له ولا انتماء، لا جنسية له، ولا لون. يمارسه الأفراد والجماعات، والمنظمات والدول، كما البيض والسود.. والأغنياء والفقراء، المسلمون والمسيحيون واليهود واللائكيون والملحدون. يقع في الشرق كما في الغرب، في أفريقيا كما في أوربا…
الإرهاب الأوروبي..
نضيف ايضا أن هذا الأوربي المتطرف المشؤوم صاحب هذا العمل الإجرامي الشنيع لم يحرق سوى “المصحف”.. مخطوط الكلام لا حقيقته وروحه، صدى مظهره لا جوهره، ظِل حِسِّه لا معناه، كما قال د.محمد التهامي الحراق.
* وللأمانة نتطرق اليوم لجريمة وتطرف وإرهاب في الجهة الأخرى. حيث تعرض الكاتب الروائي الهندي الأصل والأمريكي – الانجليزي الجنسية.. سلمان رشدي، قبل 6 أشهر، الى هجوم أفقده بصر إحدى عينيه وعدم القدرة على استعمال إحدى يدي.. بل كاد أن يُفقده حياته بالمرة. محاولة اغتيال صدمت العالم الغربي تحديدا والعالم الحر عموما. لكن أشاد بها طبعا متطرفون محسوبون على الإسلام، أغلبهم ينتمون فكريا وأيديولوجيا وجغرافيا لإيران وطالبان و”كل جمهوريات جَهْلِسْتان”!.
من هو سلمان رشدي..
– الرجل اشتهر في الغرب برواياته التي بدأ الاشتغال عليها منذ 1975. لكن ايضا بإقتباس رواياته لتكون مواضيع افلام سينمائية (أطفال منتصف الليل – الجزئان 1 و 2 ) ناهيك عن جوائز أدبية مرموقة بانجلترا وأمريكا وفرنسا ..
اما شهرته عبر العالم العربي- الإسلامي، فارتبطت طبعا ب” آيات شيطانية” لا غير.. فالعرب والمسلمون لا يعرفون للرجل رواية ( العار) ولا ( تنهيدة المغربي الأخيرة) ولا ( الأرض تحت قدميها) ولا ولا ولا.
مما حوّل الرجل الى رمز للحرية وحرية التعبير وقوة الكلمة.
– ولعل اول عمل متطرف وارهابي رمزي تعرض له الرجل هو إصدار الخميني لفتوى عام 1988 تقضي بهدر دمه ردا على”آيات شيطانية”. بينما وبكل تحضر، تصدى لكتابه هذا مفكرون وعلماء مسلمون متخصصون في رد الكلمة بالكلمة والحجة بالحجة.
إصدار جديد..
* مناسبة كلامنا وتذكرنا للرجل هو إصدار رواية جديدة له هذا الأسبوع بكل من بريطانيا وأمريكا، عنونها ب”مدينة النصر – victory city”. يقول عنها الناشر انها ملحمة لامرأة شاعرة عاشت في القرن 14 تناضل من أجل المساواة مع الرجل في مجتمع ذكوري. ويتم نفيها من المجتمع مما يضطرها لبناء مدينة بيسناغا كمدينة للنصر والمقاومة من أجل المساواة. المدينة سيتم تدميرها في آخر القصة لتبقى وتبعث هذه الملحمة رسالة موجهة لأحرار المستقبل ورمزا لانتصار الكلمة على الظلم والنفي والإقصاء.
– فمهما أراد الخميني من فتواه لهدر دم الرجل، ومهما قام بتنفيذها أحد المشؤومين، فإن الرجل مازال يفكر ويكتب وينتصر للكلمة حتى انه انهى قصته الجديدة بعبارة: “الكلمات هي المنتصر الوحيد”..
– واخيرا نقول: مهما اختلفنا مع الرجل والروائي (بالتأكيد) في آياته الشيطانية. الا اننا نثمن أعماله الممتازة الأخرى. كما نثمن أعمال من حاجه بالكلمة والحجة من اهل الإختصاص من مفكرين وعلماء مسلمين.. ونرفض فتوى إهدار دمه كما نرفض الهجوم المادب عليه.. ف”الكلمات هي المنتصر الوحيد”.