تمغربيت:
حل د. عبد الحق الصنايبي ضيفا على قناة Med Radio.. وبرنامج “بدون لغة خشب” بصفته خبيرا في الشؤون الأمنية والاستراتيجية.. أسئلة كثيرة ومتنوعة كانت في انتظاره؛ تناولنا في الحلقة السابقة ما تعلق حول كذب زين الأسامي والمونديال والشان .. في هذه المقالة سنتناول أجوبة الدكتور فيما يخص حرب الرمال و العبارة المشهورة:حكرونا.
* من حكر من؟ ومن بدء الحرب؟
– يقول د.عبد الحق الصنايبي مستندا كعادته على الوثيقة التاريخية وشعار “الثقة فالوثيقة”: كذب الرؤساء الجزائربون حين قالوا ان المغرب “حكرهم” وهم يرددون العبارات المشهورة التي جائت على لسان بن بلة “حكرونا المغاربة حكرونا”. فالجزائريون هم من بدؤوا حرب الرمال (1963) والدليل بالوثيقة التاريخية على لسان “طاهر الزبيري” في مذكراته، وهو آنذاك رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري (من قادة القوم وليس عامتهم): بالصفحة 41 – تحت عنوان (الشرارة التي أشعلت الحرب) يقول: ” بعد استقلال الجزائر، أرسلنا الجيش إلى المناطق التي يدعي المغرب ان لديه حقوقا تاريخية فيها والمتمثلة في بشار وتندوف وأقصى الجنوب الجزائري. فقام المغرب بعمليات لجس النبض للتعرف على ردة فعل … ” ( انتبه لكلمة “أرسلنا”)
فكلام الزبيري واضح في ان الجزائر هي من أرسلت الجيش إلى تلك المناطق. وذِكر المغرب جاء باعتباره بلدا يدعي مغربيتها فقط، ولم يذكره باعتباره متعد ومتجاوز للحدود أو بادئ للحرب أو مهاجم أو….
– وتحت عنوان (حكرونا) يعترف المؤلف الزبيري بأن الجيش الملكي المغربي حاصرهم من ثلاث جهات بمنطقة “بوعرفة” التي كما يقول بالحرف “كنا مرابطين بها” وهو دليل آخر انهم دخلوها ورابطوا بها وبالتالي هم من هاجموا تلك المنطقة، بينما الجيش المغربي استرجعها لا غير.
* حرب الرمال 63 في سياق انشاء ووحدة الدولة..
يضيف د.الصنايبي محللا وشارحا سياق بداية الجزائريين لحرب الرمال. حيث ان الجزائر بعد الاستقلال مباشرة و تحت رئاسة بن بلة لم تكن تشكل دولة موحدة. بل كانت عبارة عن 6 ولايات مستقلة عن بعضها، تتمتع باستقلال وحكم وجيش وتسيير ذاتي على جغرافياتها كلا على حدة…فالسياق حتم على بن بلة ان يوحد الجبهة الداخلية ويجمع كل تلك الجيوش وينهي كل تلك الانتفاضات خصوصا تلك التي كانت تطمح للاستقلال التام وهي: ولاية القبايل التي كان يقودها الحسين آيت احمد ورفيقه امحند اولحاج – وولاية الجنوب التي كان يتحكم فيها العقيد محمد شعباني (الذي حكم عليه بالاعدام فيما بعد لكن ليس قبل حفر قبره اولا!! وذلك في اطار اعدامات وسجن ونفي الإخوة الأعداء التي سيقوم بها النظام الجزائري منذ عهد بن بلة ثم بومدين والمستمرة إلى يومنا هذا)
في هذا السياق، ما كان على بن بلة إلا اختلاق هذا النزاع الحدودي، الذي ستجني منه الجزائر ونظامها خيبة الهزيمة والعار، بل ستشكل لها أكبر عقدة مستمرة في تاريخها أمام المغرب نظاما وشعبا ودولة ؛ نزاع مختلق من جهة أولى لتوحيد الجبهة الداخلية، ثم لتوحيد الجيش باستدعاء جميع جيوش المناطق الستة، ثم من جهة ثالثة إفراغ تلك الولايات من قوتها العسكرية. وهو ما حصل فعلا، فأصبحت تلك الزعامات لُقمة سهلة بدون جيوش، فتم سجنها أو نفيها أو قتلها وإعدامها بسهولة كما اصبح معروفا.