تمغربيت:
ما دخل الانتهازيون مجالا إلا و أفسدوا النفوس والعقول، وما دخل الوصوليون ميدانا إلا وغرروا بالأمين، ورفعوا الوضيع وتملقوا للناجح.. فكانوا سبب الفشل والإفشال والعاهة التي تُهلك البناء وتهدم الإنجاز ولسان حالهم يقول “الله يرحم من صْبح”.
مناسبة القول ما نراه ونقرأه عند “خبراء لحيس الكابة” و”أساتذة المطبلين” الذي غلوا في الشخص المحترم لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.. وحاولوا تصويره بأنه شخص وصل إلى مراتب الأولياء والصالحين. وبأنه إمام كروي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
شهادة حق..
السيد فوزي لقجع نجح نجاحا باهرا في تطوير الكرة المغربية وتثمين المنتوج الكروي.. هذا صحيح
وكان ذكيا في تنزيل الاستراتيجية الملكية والتي كان من حسناتها ما نجنيه حاليا على المستوى القاري والعالمي.. وعلى مستوى الأندية والمنتخبات.. وهذا أيضا صحيح
واستطاع أن يجمع بنجاح واقتدار بين مسؤولياته الحكومية والتزاماته الكروية سواء داخل هياكل الجامعة.. أو الكاف أو حتى الفيفا، وهذا حق نقوله وشهادة نصدح بها.
غير أن ما استفزنا ودفعنا لكتابة هذه الأسطر هو تكالب لحاسين الكابة على “نعي الوطن” واستعجلوا هلاك الأمة وزعموا أنهم وحدهم يحملون هم هذا الوطن.. وبأنه في حالة انتهاء مهمة السيد فوزي لقجع على رأس الجامعة فلن نجد رجلا يقوم مقامه ولا شخصا يحذو حذوه.. وهذه والله سُبة في شخص لقجع وادعاء خبيث بأن الأمة المغربية لا تنجب الرجال الأنداد وبأن مصير الكرة مرتبط بشخص لا يمكن للنساء أن تلد مثله.. وهذا الكلام والله لا يقول به إنسان عاقل مثل لقجع الذي يعرف أكثر من غيره بأن أمهات هذا الوطن قادرات على إنجاب الأبطال والعلماء والحكماء.. ولذلك استمرت الأمة لأزيد من 12 قرنا ولم يرتبط اسم المغرب يوما بشخص أو مسؤول أو قبيلة أو جماعة.
بدعة التزمت والغلو..
إن التزمت والتطرف الذي أنتجه بعض المرجفين الذين قالوا بأن اجتهاد الأمة انتهى مع ذهاب تلك الجمهرة الطيبة التي عاينت وعاشرت الرسول الكريم.. وما بعد ذلك إلا التزيّد والبدع التي لا حاجة للأمة بها.. كانا سببا في حالة السبات الثقافي والحضاري حتى جاء الغرب وينى على حضارة المسلمين.. وأضاف لها، فوصلوا إلى أعلى المراتب وبقي المسلمون في الدرك الأسفل، لا حظ لهم في علم ولا في تقدم.. فتحولنا إلى مستوردي الحضارة بعدما كنا نصدر العلم والأخلاق والقيم.
وهؤلاء “لحاسين الكابة” يسيرون (دون أن يشعروا) على نهج هؤلاء.. وهكذا أعلنوا الحداد على الأمة المغربية.. وحكموا على نسائها بالعقم المبكر. وأعلنوا مراسيم الحداد والعزاء على أبناء الوطن.
والحق أنه لكل زمان رجاله وبأن الأمة ولاّدة والمرأة المغربية.. التي أنجبت رجلا عظيما من قيمة الملك محمد السادس ومواطنين بَررة من أمثال لقجع والحموشي والمنصوري وبوريطة وغيرهم كثير.. قادرة على إنجاب المزيد ممن سيقومون بتحمل الأمانة واحتمال الرسالة ورفع راية الأمة إلى مستويات لم تصلها من قبل. وإن هذا هو المأمول في شعب أثبت ويثبت كل يوم أنه استثناء في كل شيء.
تبرُّء وبراءة السيد فوزي لقجع..
إن أول من يتبرء من هكذا قول هو السيد فوزي لقجع نفسه.. لأن من أولى مهامه وأقدسها هو التنقيب والبحث عن الرجال والمساهمة في صناعة الأبطال.. وتوفير الأرضية والمناخ الملائمين لتكوين أجيال كروية قادرة أن تكون أهلا للقميص الذي تتقمصه. ولا شك أن ما يقوم به رئيس جامعة الكرة في الميدان، يقوم بمثله في مناصب المسؤولية ويعمل على التنقيب على الرجال الذي يواصلون حمل الرسالة السياسية والمالية حتى لا نقع في شر أعمالنا ويجني المغاربة عثرات أخطاء المسؤول.
فكيف إذا يجرؤ هؤلاء على اتهام هذا المسؤول بما لا يليق.. وكيف يتم رفعه إلى مرتبة لا يصل إليها أحد من المواطنين المغاربة؟؟ إنه الغلو والتطرف والتزيد الذي لا يليق بأمة وصلت إلى ما وصلت إليه بالتواضع والمعقول والجد والاجتهاد وحس الظن في الأمة.. تلكم الأمة التي يجب على الجميع أن يعرف قدرها وأن لا يحاول أصحاب النفوس الضعيفة رفع البعض إلى مستويات الكمال.. لأننا نعلم أنه ليس بعد الكمال إلا النقصان.. فلا تتعجلوا هلاك الوطن ولا تتسرعوا إعلان الحداد على الأمة.. لأن الوطن لا يموت والأمة لا تفنى..