تمغربيت:
مواجهة فريق كروي في مباراة رياضية، قد لا تلفت انتباه الذين يبحثون عن أنفسهم بعيدا عن الرموز.. ولا أولئك الذين يلهون خلسة بأساليبهم الخاصة. ولا أولئك الذين يغضبون أمام أنظار العامة ليمارسوا المنكرات في خلواتهم وجلساتهم الخاصة.. إلا أن هذه المباراة تصبح ذات دلالة لشعوب سئمت الدونية، وتريد انتزاع انتصار ما من مستعمريها القدامى، مهما كانت قيمته وفي أي مجال، جدا و”هزلا”!
انتصارات كروية وملاحم تاريخية..
وهكذا فلما انتصر المنتخب الوطني المغربي على نظيره الإسباني.. تذكرنا محاكم التفتيش وطرد الموريسكيين واحتلال سبتة ومليلية والجزر الجعفرية واستعمار الصحراء المغربية، الخ.
ولما انتصر المنتخب المغربي على نظيره البرتغالي، تذكرنا احتلال البرتغال لعدد من السواحل المغربية.. كما تذكرنا إحكام قبضته على حواضر وقبائل دكالة، وتنازله عن سبتة لصالح الإسبان دون اعتبار للسيادة المغربية عليها، الخ.
وقبل المباراة التي ستجمعنا مع فرنسا.. تنتابنا مشاعر عديدة بين ندية لا تتعدى حدود “اللعبة” وأخرى سياسية تحيي في الذاكرة معركة إيسلي، وفرض “الحماية”.. والظهير البربري، ونهب فائض القيمة المغربي…”، إلخ.
لا يمكننا أن نحمّل فرقا ومنتخبات كروية ماضي أجدادها، ولكنها الذاكرة تأبى إلا أن تحضر في أدقّ التفاصيل.
وكما كان الانتصار على المنتخبين الإسباني والبرتغالي ذا دلالة، سيكون الانتصار على المنتخب الفرنسي ذا دلالة أعمق وأوضح تحمل بين طياتها رسائل مشفرة إلى: اللوبي الفرنكفوني، والرأسمال الفرنسي، والمستلبين ثقافيا، وآخرين أمثالهم!
لا بد للانتصار أن يتسع، ولا بد للانتصارات الرمزية أن تفرز تجسيدها الواقعي مستقبلا، كما تعكس اليوم أملا وذاكرة قديمة تأبى النسيان!
لم تُكتَب هذه الفقرات لأولئك الذين يمارسون الهزل بل والأنانية المفرطة وسوء النية تحت أقنعة من “الجد” الزائف، ولا لأولئك الذين يجعلون من كل انتصار انتصارا للعولمة لا لهذا الوطن ورجالاته وأجهزة ومؤسسات دولته؛ خير رد على هؤلاء ليس هذا المقال، بل ملايين المغاربة الذي يخرجون للشارع بعد كل انتصار، يقولون لهم: “خاب سعيكم وليس في الوعي واللاوعي إلا الدولة”.