تمغربيت:
المجتمعات مثلها مثل الأنظمة، مثل الدول، مثل الحضارات، مثل الطبيعة، مثل الإنسان.. مثل كل المخلوقات من البكتيريا إلى الأجرام والكواكب العظيمة.. تقع تحت قهر الانحلال وتأثير التعرية.
مناسبة الكلام هذا تمظهرت في عوامل التعرية التي مارسها مونديال قطر على الكثير والكثير.
المونديال القطري عرى على نفاق الغرب – ليس كل الغرب.. فالغرب في ما نعلم، متعدد وليس غربا واحدا – كما عرى على عنصرية الغرب وعلى احتكار الغرب لكل ما فيه ربح وفائدة.. كما عرى على استعلاء واستكبار الغرب الذي مازال يتصور ويتعامل مع ” الحضارات الأخرى ودول الجنوب “.. وفق تصوره القاضي بأنه المحور والمركز وغيره يمثل الأطراف والهوامش.
لقذ ظن الغرب أن الأمر دوما كان هكذا وهكذا وجب أن يكون.. ولو تأمل قليلا في التاريخ، لعلم أن حضارته المعاصرة لا تتعدى 5 قرون وأن تقدمه الهائل لا يعدو أن يكون تقنيا تكنولوجيا ماديا فقط.. و ان حضارات اسلامية وصينية ومصرية وغيرها، سبقته وعَمٌرت أكثر منه.. وأن تقدمه كان ومازال على حساب استعمار واستعباد واستغلال شعوب وبلدان وثروات الجنوب ولا صلة له بتفوق غربي ذاتي.. (موضوع طويل جدا ليس محل مناقشته هنا.. فقد بدأنا بعض مقالات حوله في سلسلتنا ( دقيقة للتفكير ).. بدأناها بنقد البروفيسور الفيلسوف روجيه غارودي لا حضارة الغربية وسنستمر مع مفكرين آخرين )
إذا المونديال القطري أماط اللثام على مقدرة دول الجنوب النامية منافسة الغرب.. بل الهروب عليه بسنين في مجالات شتى.. فمونديال قطر هو الأضخم والأفضل على جميع المستويات في تاريخ المونديال كله. ولعل مقارنة واحدة تكفينا في هذا المقام.. فأعلى وأقصى ما صرف في الغرب على المونديال يناهز 15 مليار دولار! فأين لهذا الرقم ان يقارن ب 220 مليار دولار؟!
– المونديال أزال الحجاب على أن الدول العربية الإسلامية النامية المنتمية للجنوب.. تستطيع أن تبني وتنظم وتمتلك اقوى بُنى تحتية لوجيستية وخدماتية، يمكن للغرب ان يتصورها.. ولعل ما تمتلكه الامارات وقطر والسعودية وسنغافورة الخ من بنى تحتية تجعل الغرب برمته يستحيي من نفسه خجلا.