تمغربيت:
قرأتُ في الأخبار، قبل أشهر، أن دولا أوروبية لم تعد ترغب في اليد العاملة العربية (المغاربية خصوصا) والإفريقية، وأن هناك قرارات لتفعيل هذه الرغبة الاستعمارية الجديدة.
جرائم الاستعمار..
قرأت الخبر فتذكرت جرائم الاستعمار فينا، تذكرت كيف نهب فائض القيمة من عرق جبين فلاحينا بعدما حولهم قسرا إلى عمال، وتذكرت كيف نهب الخامات والثروات الطبيعية، كيف استغل الأرض والإنسان لاستثمار رأسماله المالي الفائض في الغرب.
تذكرت مع كل هذا كيف قُطّع باتريس لوموبا إربا إربا ليذاب بعدها في الأسيد (1961)، وكيف أقدم الاستعمار البلجيكي على هذه الجريمة جاعلا من الدم طريقا للنهب.
لا عداوة بين الشعوب، ولكن الإدارات الغربية صنيعة الرأسمال، صانعة البروباغاندا الديمقراطية الزائفة؛ قلت: إن هذه الإدارات تصنع العداوات وتعيش في العنصرية وتنفخ فيها روح الحياة. وقد ساءها وساء صنيعَها بعد أن رأت العمال المغاربة يفرحون في عقر دارها، ينتشون لفترة أمام أنظار مالكي وسائل الإنتاج البلجيكيين، ولم يكونوا ليملكوها إلا برفس الكونغوليين ومحمو باتريس لومومبا وأمثاله من الوجود.
لا علم لنا بأحداث العنف الرائجة في وسائل التواصل الاجتماعي، لا نعرف حيثياتها وأطرافها.. لا نشجعها ولا ندعو إليها حتى لا يساء فهم هذا الكلام. كل ما ندعو إليه هو الفرح المشروع، ولكنه على الرأسمال العنصري أشد وطأة.
فكيف لهذا العامل الغريب في غير بلده، المغترب عن سلعته وما أنتجته يداه.. كيف له أن يحافظ على الوطن في وجدانه؟! كيف له أن يفرح لانهزام فريق مالكي وسائل الإنتاج البلجيكيين وقد عاش ويعيش من قيمتهم (تساوي الجهد المبذول اجتماعيا لإنتاج سلعة)؟!
الأجر مقابل العمل..
لم يهاجر المغاربة، وغيرهم من أبناء الجنوب، ليتصدق عليهم الرأسمال الأجنبي بالصدقات، ولا ليتفضل عليه الغرب بسنتيم. هاجروا لاسترجاع فائض قيمة تم نهبه زمن الاستعمار، وهم يقومون بالواجب على أكمل وجه عن طريق تحويلات واستثمارات وإعانات وخبرات إلخ. المغاربة في بلاد المهجر، عمالا في المزارع والمصانع، أو لاعبين في الأندية الأجنبية؛ يناضلون من أجل الوطن، ويبقون جزءا من هذا الوطن.
رسائل مغربية من قلب الدوحة..
لهذا كان انتصار المنتخب المغربي اليوم ذا دلالات، وكان أملا في زمن الألم، ولعل ما يجري في العالم يخرج مولودا جديدا من بطن تعفن من شدة الاستغلال!
تنبيه 1: اللاعب المغربي المحترف نفسه يعدّ عاملا في الأندية الأوروبية، فهذه في أوروبا أشبه بشركات كبرى تمتلك وسائل الإنتاج وقوة العمل؛ اللاعب فيها عامل بالساعة لإنتاج الفرجة وهذه تحقق الربح، وإذا ما قارنا ما يتقاضاه اللاعب بما ينتجه لمالك النادي/ الشركة سنجد أنه ينتج أكثر من قيمته، أي ينتج فائض القيمة، وهو بذلك عامل مستغَل في حلة جديدة!
تنبيه 2: أرسل بطل التحرير الملك الراحل محمد الخامس، بعد طلب من باتريس لومومبا (1960)، القوات المسلحة المغربية إلى الكونغو للحفاظ على أمنها وتكوين النوات الأولى لجيشها في إطار الشرعية الأممية (الأمم المتحدة).