تمغربيت:
1-طوبى الدولة العربية التقليدية: الخلافة
(عبد الله العروي، مفهوم الدولة، من ص 90 إلى ص 125)
أي واقع تاريخي نتجت عنه طوبى المسلمين في الحكم؟ كيف حالت الطوبى بين الفكر الإسلامي القديم وبين نظرية الدولة؟ كيف قلبت الطوبى واقع المسلمين، فيما عززت النظام القائم؟ أي كيف حالت بين العرب ونظرية الدولة، فيما لعبت دورها التاريخي؟
“ملك طبيعي، ثم خلافة إسلامية، ثم تنظيم هرمي آسيوي”، هكذا تطور النظام السياسي العربي في نظر عبد الله العروي. وتلك هي العناصر التي ستتعايش –بشكل من الأشكال- في الدول المتعاقبة بعد الخلافة الإسلامية.
عودة الخلافة أمر صعب، بل قد يكون مستحيلا. فالطبيعة البشرية تأباها، والمعجزة أساسها (ابن خلدون). وبعد ارتفاعها واستحالة تحققها في الشروط التاريخية اللاحقة، أنتج الواقع العربي طوباه السياسية وعمل على تغذيتها باستمرار.
طوبى الفقيه جماعية، وطوبى الفيلسوف فردية. الأول يحيي أمل الخلافة في الناس ويحافظ على النظام القائم (الغزالي وابن تيمية، حيث الانتقال من المطالبة بالخلافة إلى المطالبة بتطبيق الشريعة). أما الثاني فيهجر الواقع باحثا عن خلاصه الفردي، متخذا تأويلا نيوأفلاطونيا في فلسفة أفلاطون بدل كل التأويلات الأخرى.
يختلف المؤرخ الأديب عن الصنفين السابقين، ينصح الحاكم بالعدل، ليس امتثالا للشرع أو حرصا على مكارم الأخلاق، بل حفاظا على حكمه. يختلف عنهما دون أن يتخلص منهما مطلقا، لذلك تجد عنده نزرا من طوبى الفقيه أو فردانية الفيلسوف (ابن خلدون نموذجا).
تعمل هذه الأصناف الثلاثة، الفقيه والمؤرخ والفيلسوف، على تعزيز النظام القائم وتوفير أدلوجة لاستمرار حكمه. يكتفي الأول بالنظام القائم ولا يتخلى عن أمله في خلافة عائدة، فيما يكتفي الثاني بالنصح وغرضه حفظ الحكم، أما الثالث فيهجر كل شؤون الحكم ويترك السياسة وشأنها لأهلها.
خلاصة العروي: حفظت الطوبى نظام الحكم وأبقت على الدولة، وهذا دورها التاريخي؛ إلا أنها قلبت الواقع حائلة دون فهمه وتحليله، وهذا زيفها النظري.