تمغربيت:
يبدو أن الولاء للتنظيم الإخواني لا يزال طاغيا على الخطاب الإيديولوجي لحزب العدالة والتنمية.. ويبدو أن هذا التنظيم، ورغم أنه قاد تجربتين حكوميتين، إلا أنه لا يزال ملطخا بإيديولوجيا عابرة للقارات.. ولا ترى في الوطن أولوية، بل ولا تنضبط لتوجهات القيادة السياسية حتى ولو أخذت شكل “إمارة المؤمنين”، أو احتكرت التعبيرات الخارجية الرسمية للمملكة المغربية.
مناسبة هذا الحديث ما جاء على لسان الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السيد عبد الإله بن كيران.. خلال حديثه عن الدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.. وهو الحديث الذي أعاد تركيب نفس الكلمات التي صرح بها سابقا القيادي في حماس خالد مشعل، والذي أكد سابقا على ما أسماه الدور المحوري لإيران في دعم المقاومة.
وإذا كان السيد عبد الإله بن كيران يتحدث عن الدعم المالي لقيادات حركة حماس من أجل المتاجرة بالقضية.. فهذا صحيح. وإذا كان السيد الأمين العام يقصد بذلك تدريب بعض عناصر حماس (دون غيرها) فهذا أيضا صحيح. وأما أن يعتبرها محور المقاومة فهذا كلام فيه كلام.
فهل نسي السيد الأمين العام بأن إيران تدعم تنظيما إرهابيا يهدف إلى المساس بالوحدة الترابية للمملكة؟؟ وهل تناسى السيد بن كيران أن إيران تتحكم في أربعة عواصم عربية بعد استباحتها لمئات الآلاف من الأرواح وتهجيرها للملايين من العرب؟.. وهل تناسى بن كيران بأن إيران لا تهمها القضية لا من قريب ولا من بعيد.. وإنما هي ورقة تلعب عليها من أجل تقوية وضعها التفاوضي في المنطقة؟.. وهل صدّق السيد الأمين العام المواجهة الإيرانية الإسرائيلية.. وهي المواجهة التي لم يذهب ضحيتها حتى حمار بلْه الحديث عن خسائر بشرية أو مادية؟؟
إن معرفتنا بالبنية السلوكية لتنظيمات الإسلام السياسي تجعلنا نطمئن مرة أخرى إلى أن هذا التنظيم لم ينسلخ بعد عن جلد الإيديولوجيا.. وبأنه يمعن في الضرب في الاختيارات الاستراتيجية للمملكة، ويستمر في استغلال القضية الفلسطينية من أجل دغدغة مشاعر المغرر بهم.. وبالتالي العودة إلى واجهة الأحداث السياسية من بوابة مأساة إخواننا في فلسطين.
وهنا نطرح سؤالا جوهريا: كيف التحق العشرات من أتباع التنظيم بالتنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا.. ولم نسمع بمناضل واحد نجح في الدخول إلى غزة ؟؟ وهل الجهاد في سوريا والعراق حلال وغيره في غزة حرام؟؟. والجواب واضح وصريح: لم تكن إسرائيل يوما ما هي العدو الأول لتنظيمات الإسلام السياسي.. ويتم تصنيفها في خانة العدو البعيد (الكافر الأصلي) والذي يبقى غير مقدم في القتال.. مقارنة مع الدول الإسلامية (العدو القريب) باعتبارها أنظمة طاغوتية مرتدة يجب إسقاطها أولا.. قبل المرور إلى استكمال باقي مشاريع التمكين.. إن وجدت.