تمغربيت:
إذا كانت هناك كلمة يكرهها الرجل الريفي فهي “الخيانة”.. وإذا كانت هناك مهنة يمقتها الريفي فهي “العَمالة”، ذلك أن ابن الريف كان دائما عزيزا بسيفه وبارا بوعده ووفيا بعهده. فالخيانة والعمالة لا مكان لها في قاموس ساكنة الريف، كما هو حال باقي المناطق المغربية من طنجة إلى لكويرة إلى أدرار وتيدكلت وتوات.
وربما يجهل البعض بأن الريفيون هم من أذاقوا المستعمر الإسباني من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر.. حتى إن أحد الحراس الإسبان في مليلية المحتلة استيقظ في إحدى الليالي وهو يصرخ “المغاربة يذبحوننا”.
وربما يجهل القوم أن الريفيون هم ما طردوا الروكي بوحمارة من جبال إجرماوس وإفرني.
ولعل الكثير يجهلون بأن أول رصاصة ضد المستعمر الفرنسي انطلقت من منطقة أجدير (تازة).. وهو ما يقطع بأن هؤلاء المغاربة متطرفون في حب الوطن وأعطوا في سبيل ذلك الجهد والنفس والدماء.
ويتذكر أهلنا في الريف كيف أن أجدادهم كانوا وراء قتل العميل عبد المالك بن محي الدين حفيد الأجير عبد القادر.. وذلك بمدينة الجهاد ميضار، وذلك بسبب تدخله في الشؤون الداخلية للمغرب، ومحاولته إخضاع المقاومة المغربية لفائدة إسبانيا.
هذا العميل، على نهج جده، أقامت له إسبانيا جنازة عسكرية وكتبت على قبره “مات من أجل إسبانيا”.. ولا ندري لماذا يتم تكريم ضريحه وهو الخائن وحفيد الخائن الذي حارب الكفاح المغربي ورضي بالعمالة للإسبان؟
إنه الريف العظيم، مقبرة الغزاة ورمز الشموخ والثبات والأرض الطيبة التي أنجبت الرجال والأبطال وأهل النخوة بشهادة جميع الكتب وبجميع اللغات. الريف المغربي الذي يكره الخيانة ويمقت العمالة ويُبغض من يقبل بالمذلة والمهانة والارتماء في أحضان أعداء الوطن وأصحاب الأجندات الجبانة.
أما النظام العسكري الجزائري، فنبارك له المولود الجديد ونهنئه بانضمام هاته الحفنة من العبيد والتي لا مكانة لها بين أفراد الشعبي المغربي العتيد.