تمغربيت:
صفحة جديدة من صفحات الإمبراطورية المغربية الشريفة.. اليوم سنتناول شخصية مغربية عظيمة بزغ نجمها في سماء السياسة باكراً.. وأسس لدولة قوية بصمت على تاريخ عريق ونشر الحضارة والعلوم في تونس بصفة خاصة وشمال إفريقيا والأندلس بصفة عامة.. فمن يكون أبي زكريا الحفصي؟
هو أبي زكريا الحفصي ولد سنة 1203م بمراكش.. عاصر الدولة الموحدية، كان أبي زكريا الحفصي فذاً في الشؤون السياسية حكيماً.. ذو شخصية رزينة.. شغل مناصب عديدة أثناء الحكم الموحدي منها والي إشبيلية وعدة مدن أخرى كذلك.
إلاّ أن معركة العقاب كانت بداية انهيار الإمبراطورية الموحدية داخل المغرب مما تسبب في اندلاع ثورات خطيرة.. وفي سنة 1227م انقلب أبو العلاء إدريس المأمون على منصب الخلافة الموحدية.. فرفض أبي زكريا الحفصي بيعته فذهب إلى القيروان وتولى الحكم هناك وبفضل نضجه السياسي المبكر مكنه من كسب ثقة الناس هناك بطريقة سريعة، حيث خفف الضرائب عنهم وأحسن معاملتهم وعمل على تحسين أحوال البلاد.. وقضى على الفتن.. وجالس العلماء والفقهاء وقربهم منه.. وكرم الأدباء.. ليعلن استقلاله عن الخلافة الموحدية بالمغرب.. وقيام الدولة الحفصية بإفريقية.. فأخد في التوسع شرقا نحو طرابلس.. ثم غرباً ليضم أراضي واسعة مما يسمى الآن بالجزائر.
وتتمة لما قلناه.. فهكذا استطاع أبي زكريا الحفصي تثبيت حكمه لدولته الفتية وأمر بإلقاء الخطبة في جميع أنحاء البلاد وضرب العملة باسمه.. فاستقرت أحوال دولته وعظم شأنها وداع صيتها في شمال إفريقيا والأندلس.. فقد بنى جامع القصبة سنة 1231م وشيد مدرسة الشماعية والتي كانت تلقب بأم المدارس وهي أول مدرسة بنيت في تونس والعديد من المآثر الأخرى كذلك.
تولى أبو زكريا الحفصي شؤون الدولة الحفصية وهو لا يتجاوز 27سنة فقد حسُنت سيرته وكان موفقاً وحازماً فيه بأس ورفق وديانة وجود.. ليكون مؤسس الدولة الحفصية بإفريقية مغربي استطاع ان يؤسس لدولة دام حكمها قرابة ثلاثة قرون.