تمغربيت:
وكأن التاريخ يعيد نفسه، ليس بنفس الأشكال والمظاهر، لكن بنفس الأساليب وبنفس القوة..
في تونس مثلا، وفي مثل هذا اليوم.. في 29 دجنبر 1983.. وبعدما أعلن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مباشرة، عن قرار زيادة أسعار المواد الأساسية في البلاد.. وذلك في ظل التحديات الاقتصادية التي كانت تواجهها الحكومة في ذلك الوقت.. اندلعت احتجاجات في العديد من المدن التونسية، ومواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن والجيش التونسي.. أدى إلى مقتل حوالي 100 شخص..
هذا التاريخ وثَّق لما يعرف بانتفاضة الخبز في تونس، في تعبير شعبي عام ضد سياسة التقشف التي اتبعها الرئيس الحبيب بورقيبة.. وإعلانه عن الزيادات في مواد أساسية مثل الزيت والخبز والحليب والسكر.. فنهضت تونس كلها خصوصا في مدن مثل تونس وصفاقس وسوسة والقيروان والمنستير والمهدية والمنزل وقابس.. ضد هذا القرار..
وفي نهاية المطاف، بسبب تفشي العنف وخطورته، اضطرت الحكومة التونسية إلى التراجع عن الزيادات وإعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول. كما أجرى بعدها، بورقيبة تغييرات وزارية، أقال من خلالها عددا من المسؤولين الحكوميين والحزبيين.. وقد تم الإعلان عن ذلك في الثالث من يناير 1984.
تونس الآن ومنذ ما سمي آنذاك ب “ثورة الياسمين” وهي تعرف أزمة شاملة تضطر الشعب التونسي إلى الخروج للشوارع بشكل مستمر .. وكأن قدر تونس مع انتفاضات الخبز..
لكن الجميل في التوانسة، أنهم يشكلون لحمة واحدة، وشعبا مثقف، قصُر أو طال الزمان، يخرجون منتصرين من أزماتهم .. عودونا على هذا المستوى من الوعي السياسي والدينامية وسط النقابات والأحزاب والمجتمع المدني..
لكن وفي حدودها الغربية.. يوجد شعب متفرق بلا هوية ولا تاريخ.. يفضل أن يتعايش لعقود وعقود ليس مع الغلاء، بل مع ندرة المواد الأساسية وقِلتها.. فيفضل النهوض قبل الفجر والصبر بعد صلاة العشاء ليقوم بالطوابير من أجل شراء هذه المواد النادرة، وب “الكوطا” محددة من طرف الدولة !
إنه يُفضل هذا الوضع المهين لكرامة الإنسان.. على أن ينتفض مثل الشعوب الحرة والواعية.. بل على أن يقاطع، مجرد المقاطعة السلمية التي تحفظ له كرامته من جهة وتؤدي إلى تراجع العسكر عن غيهم وطغيانهم.