تمغربيت
كنا قد فصلنا في مقالة سابقة عن تكالب بنو الأحمر ووقوفهم عند بلاط القشتاليين.. وأنهم يفضلون أن يكونوا خدماً عند غزاتهم على أن يكونوا جنوداً لشعوبهم.. فالسؤال المحوري والذي يتبادر للأذهان هو: لماذا كان بنو الأحمر يخونون المرينيين ؟
وهنا نسجل أنه في الوقت الذي عاملهم السلطان المريني بخصال الرجال وهبّ لنجدتهم من بطش القشتاليين قابلوه هم بخيانة عظمى.. فبعد معركة “دينونية” الشهيرة وقطع السلطان المريني رأس “دون نونيو دي لارا” ابن ملك قشتالة.. وأرسله لملوك بني الأحمر بغرناطة من أجل إزالة الخوف من قلوب هذا الأخير وإعطاءهم تلك الدفعة المعنوية والمناعة ضد القشتاليين.. قام ملك غرناطة بتخضيب الرأس بالطيب وأرسله.. لملك قشتالة يتدلل ويتودد راجيا منه التقرب وطالبا العفو، ويعده أن يكون خادماً أميناً في حالة أراد الهجوم على بني مرين بالمغرب.. لكن لماذا؟
يجب أن نعلم جميعاً أن بنو الأحمر.. لم ينسوا أبداً كيف قضى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ملك المغرب.. على ملوك الطوائف وضم الأندلس بأكملها تحت لواءه الناصر لدين الله، فقد خاف بنو الأحمر أن تكون لبنو مرين الكرّة في بلاد الأندلس خصوصاً.. أن يعقوب المنصور المريني لم يكتفي بمعركة “دينوينة”، بل توغل في أراضي الأندلس وحاصر اشبيلية حصاراً شديداً وغنم منها وكان عازماً على استئصال القشتاليين من الأندلس وهو الأمر الذي بث الرعب في قلوب ملوك غرناطة من ضياع ملكهم.
رد “سانشو” المفحم
تحالف بنو الأحمر مع الزيانيين من أجل تضييق الخناق على بنو مرين لكي يصعب هجومهم على الأندلس.. وأمرهوم كذلك بالانقضاض على المغرب لاستنزاف قوة المرينيين، كما راسل “سانشو” صاحب إشبيلية راجياً منه التحالف معه ضد بعقوب المنصور المريني ملك المغرب.. فأفحمه “سانشو” بإجابة سجلتها كتب التاريخ.. « إنما أنتم عبيد آبائي فلستم معي في مقام السلم والحرب، وهذا أمير المسلمين على الحقيقة ( يعني المنصور المريني ) لست أطيق مقاومته ولا دفاع عن نفسي فكيف عنك » من كتاب تاريخ شالة الصفحة 286.
لقد سجلت أقلام المؤرخين تكالب بنو الأحمر والزيانيين على الإمبراطورية المغربية الشريفة، وما كان هدفهم إلاّ التشويش على المرينيين بصفة خاصة والمسلمين بالأندلس بصفة عامة.. لأن بنو مرين كانوا الوحيدين القادرين على استرجاع أراضي الأندلس مرة أخرى لولا الخونة وبيادق التاريخ.