تمغربيت:
أحزاب واتجاهات، صعدت إلى البرلمانات العربية ونجحت في تشكيل حكومات هنا وهناك من البلاد العربية، بعد أحداث ما عرف باسم “الربيع العربي”.. خصوصا ما يتعلق بالتيار الإسلامي وبعده التيارات القومية وبعدهما اليسار الراديكالي المنسي..
ثم جاءت فترة الحساب الشعبي فأسقط كل هذه التيارات والحكومات، كدليل على فشل تدبيرها للمرحلة، في مختلف البلاد العربية، التي تمتلك قدرا كبيرا من الشفافية والمسؤولية والديمقراطية.. فسقطت وكان سقوط وانزواء التيارات الإسلامية إلى الركن أبرزها..
ثم جاءت فرصة الحرب الوحشية على غزة، وفرصة سماح هاته الدول بالتضامن مع أهلنا في فلسطين.. لتكون مدخلا ونافذة سياسية لهاته التيارات، وعاملا سياسيا محفزا لتتفاعل معه، محاولة بعث الروح من جديد في أجسادها المريضة ..
إلى هنا تبدو الأمور عادية وطبيعية، خصوصا في المغرب.. إلا أن الغير العادي ولا طبيعي في التظاهرات الأخيرة.. المتضامنة مع القضية الفلسطينية، والتي تكفلها حرية التعبير بالمغرب، والمتقدمة بأشواط عن باقي الدول عربية والإفريقية.. هو أنها (التظاهرات) أصبحت تسلك مسالك وطرقا مختلفة، تاركة شعارات التضامن مع أهلنا في غزة، ومناصرة القضية الفلسطينية.. والتنديد ضد جرائم الحرب التي تقترفها إسرائيل.. وهذا ما تم الترخيص لها بحجته، عكس كثير من الأنظمة المستبدة بالعالم العربي مثل الجزائر.. فأصبحت بعض التظاهرات، تستغل فرصة الترخيص هذه.. لتلتفت وتنادي وتصرخ بشعارات لا تمت للقضية الفلسطينية ولا لمناصرة أهلنا في غزة، بصلة .. فتركوا التظاهر من أجل فلسطين، واتجهوا نحو تصفية الحسابات والرهانات السياسية، التي فشلوا فيها وفي تدبيرها أصلا..
سياسة الرجوع إلى الواجهة عن طريق القضية الفلسطينية
فمنهم من وجدها فرصة لتحريم ربط العلاقات مع إسرائيل؛ والتي تعد شأنا استراتيجيا مرتبطا بظرفيات وسياقات جيو سياسية معقدة، لا مجال ولا نصيب للشعبوية والخطاب الشعبوي العاطفي فيها..
ومنهم من اتجه إلى المؤسسة الملكية، بضرب مستشاره السيد أندري أزولاي؛ المغربي الصويري اليهودي، لتصفه وتنعته ب”الصهيوني” في أحد شعاراتها البئيسة والجاهلة والعنصرية أيضا التي تقول: “يا للعار يا للعار..صهيوني مستشار”.. مع أنهم بالتأكيد يعلمون الفرق بين “اليهودية” كدين وعقيدة وتعاليم تعود لآلاف وآلاف السنين، و”الصهيونية” كظاهرة حديثة وكحركة سياسية أو سياسوية اعتمدت على الأساطير الدينية ومخططات استراتيجية لأهداف سياسية واستعمارية من أجل هدف كبير هو قيام دولة إسرائيل.. وبالتالي لا مجال للمقارنة بين اليهودية والصهيونية.. كما لا يمكن بأي حال اختزال الإسلام في حركات إسلامية أو سلفية أو إسلاموية أو داعشية إلخ
ماذا يريد هؤلاء؟ الرجوع إلى الساحة عبر بوابة فلسطين؟ ها هي الدولة تسمح لهم بذلك..
لكن أن تجعلوها قنطرة لتمرير خطابات وتصفية حسابات والتطاول على المؤسسة الملكية؟ فهذا ما لن يكون لهم..