تمغربيت:
في المشرق العربي، لعبت عديد من العوامل على إضعاف وتفتيت “الدولة” وأجهزتها؛ منها ما هو مرتبط بإشكاليات الطائفية أو الصراع الطائفي، ومنها أيضا ما هو مرتبط بتعدد الولاءات للخارج، ومنها التداخل والنزاعات العنيفة في الشرق الأوسط..إلخ.
في هذا المشرق العربي، كثير من الدول أصبحت منذ زمن أشباه دول لا غير.. ويمكننا القول كما أشار الإعلامي فيصل القاسم أننا اليوم نعيش عصر انهيار الدول وصعود الحركات والميليشيات.. فحزب الله مثلا في لبنان هو الجيش الأول والأقوى، وليس الجيش اللبناني أو جيش الدولة اللبنانية.. وكذلك الحال بالنسبة لجيش الحوثي مقارنة بالجيش اليمني.. وقوات الدعم السريع في السودان أقوى من جيش النظام السوداني.. وحماس في قطاع غزة، أقوى من فتح والسلطة الفلسطينية ..
هذه الظاهرة، الغير سوية، هي سبب في إطالة أزمات منطقة الشرق الأوسط، كما هي سبب زيادة إضعاف أشباه الدول تلك..
ظاهرة بدأت بالطائفية، ثم الصراع الطائفي، ثم عسكرة الطوائف، وارتباط الحركات المذهبية والطائفية بالخارج.. إلى أن تقوت بعض الطوائف على حساب طوائف أخرى وبعدها أصبحت أقوى حتى من جيش ومؤسسات وأجهزة الدولة..
في غرب شمال إفريقيا، عولت الجزائر على هذا السيناريو، باحتضانها وتسليحها لجبهة البوليساريو، عساها تحارب المغرب بمساعدة لوجستية، ميدانية وعسكرية جزائرية، ومساعدات مصرية وسورية إلى أن وصل الأمر إلى مساعدتها من طرف المعسكر الشرقي برمته.. إلا أن السيناريو وقف عند هذا الحد فقط، لأن مواجهة دولة أمة عريقة كالمملكة المغربية.. لها تواجد مادي وسياسي منذ أكثر من 12 قرنا، لا يمكن مقارنته بأشباه دول مجزئة بالمشرق العربي كانت مجرد إيالات تابعة لحكم الأتراك..
فالمشهد بشمال إفريقيا غير المشهد بالمشرق، والجزائر لم تنجح منذ نصف قرن في هدفها تقسيم المغرب وخلق كيان سادس في المنطقة المغاربية.. ولربما سيقع للجزائر ما وقع ويقع حاليا في الشرق، بحيث سيكبر غول ميليشيات البوليساريو الذي ربته ورعرعته، ليخلق لها أزمات تقسيم في آخر المطاف.. خصوصا في بلد يعرف أصلا أزمات المطالبة بالاستقلال كما هو حال القبايل بالشمال والأزواد بالجنوب.