تمغربيت:
بقلم الأستاذ محمد زاوي
هناك جوّ غير مقبول، لا أخلاقيا ولا سياسيا.. من الاتهام والاتهام المضاد، في قضايا سياسية محضة، العقيدة فيها لا تعدو أن تكون.. مجرد دوافع بعد إجراء حسابات ميكرو وماكرو-سياسية دقيقة.. هذه الحقيقة التي يخفيها البعض، لأنه يحاول تهريب السياسة من دولته إلى دول أخرى في المنطقة تحت قناع “لا سياسة بعد اليوم”!
التطرف الإيديولوجي والمتاجرة بالقضية الفلسطينية
لقد أصبحت هذه اللعبة مكشوفة لكل ذي عقل، لأن كل موقف مهما كان غارقا في الإيديولوجيا فهو يعكس موقفا جيوسياسيا خاضعا لحسابات دقيقة، في قطر أو تركيا أو السعودية أو مصر أو الإمارات أو إيران؛ كل حسب طبيعة علاقته بالقضية الفلسطينية.
القدس أرض الرسالات، ولكنها أرض الصراعات أيضا. إخفاء المعطى الثاني بالأول تعبير عن مصلحة ما في المنطقة، مهما بدا الشعار مؤثرا يمتح من خطاب عقدي. وبالتالي، فإذا كانت “حماس” والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات؛ إذا كانت كلها تحسب حسابها السياسي الدقيق، فماذا يمنع المغرب؟!
المغرب مجتمع ذو خصوصية سياسية قائمة على التوازن؛ بلغة أخرى، على تعدد الفاعلين الإيديولوجيين لفائدة مصلحة الدولة. من لا يفهم هذه المعادلة، إما يغالي في الإيديولوجيا التي يتبناها كطرف في التوازن القائم لغرض ما، وإما مستغَل في اختيار لا يعرفه، والخوف كل الخوف أن تكون رياحه أجنبية!
إننا في حاجة إلى لغة سياسية.. غير تحريضية أو محمّلة بالعنف اللفظي، لتمرير ما به يقوم التوازن من خطاب ونقاش.. غير ذلك يدل لا على تخلف المنطق والوعي فينا فحسب، بل الذوق والإنسانية والدين الذي به كان الإنسان. لا بد من تحيز معرفي.. سياسي أو إيديولوجي.. لكن فليكن عاقلا مستحضرا حاجة المصلحة للجميع ما لم يكن دخيلا أجنبيا، أو فليكن على الأقل إنسانيا يخشى أن يدوس بقدميه براءة الآخرين!
البراءة للجميع في دولة تحتاج الجميع لما يخدم مصلحة الجميع؛ وفي التفاصيل معطيات دقيقة وقراءات جدلية.. وجب استحضارها قبل ممارسة الاختلاف بسوء أدب وعن جهل وقلة علم..