تمغربيت:
يعتبر قصر البديع أعظم قصر بني في تاريخ الإمبراطورية المغربية الشريفة.. والعالم، فقد وصف الرسام آدم ماثام قصر البديع بأنه “أعجوبة العجائب”، وكما قال فيه أحد المؤرخين الترك، بأن مجالس المنصور الذهبي بقصر البديع بمراكش.. كانت مجالس “جنة النعيم”.
وقد سجل التاريخ المغربي العظيم.. أنه بعد كل ملحمة خالدة يستقر رأي سلطان المغرب على بناء معلمة عظيمة، ونذكر منهم خليفة المسلمين يعقوب المنصور الموحدي، حينما بنى التوأم الثلاث.. (الخيرالدا بإشبيلية وحسان بالرباط والكتبية بمراكش)، وهذا بعد معركة الأرك الجليلة.
وكما أن المنصور الذهبي.. قد بنى كذلك قصر البديع بعد إذلال السعديين للإمبراطورية البرتغالية.. في أوج قوتها وهزمهم في معركة واد المخازن، مما سهل على الإمبراطورية المغربية الشريفة، الوصول إلى تحرير معابر التجارة الإفريقية من البرتغاليين، وأمنوا بذلك وصول الذهب من ممكلة سونغاي إلى المغرب.. بعدما ضمها المنصور الذهبي تحت مظلة الشرفاء السعديين.
تقنيات وتكنولوجيا سابقة لزمانها
فقد بني هذا القصر بمواصفات أقرب للخيال، وتعتبر من آخر وأعظم التقنيات في تلك الحقبة.. بل وأنها كانت سابقة لآوانها، ونتحدث هنا عن مكيف مائي بارد ومسخن حسب الرغبة.. تنساب عبر أنابيب نحاسية، وكما “تتوفر غرف القصر، وخاصة منها غرف الحريم.. على خزنة طعام متحركة تتجه وحدها بصفة آلية من المطبخ الى مقام الاميرات، مما يشبه المصعد “Élévateur” المعروف اليوم في الفنادق الكبرى” (1) ص7 من “كتاب قصر البديع بمراكش من عجائب الدنيا”.
وهذا ويحتوي القصر على طبقة سفلية.. بها مخازن وغسال ومطبخ تُمكن للخدم والحشم، بالتحرك بأريحية بعيداً عن السلطان وضيوفه.. “وبدون أن تظهر الاستعدادات الاولى للتحضير فيفاجأ المدعوون بما لذ وطاب من مباني القصر السفلى” (2) ص7 من نفس المرجع
قصر البديع جمع رحيق المعمار المغربي
واستعمل في بناءه ما يقارب 500 عمود من المرمر الأبيض والأخضر والاسود.. فقد كان المنصور الذهبي يستورد أجود أنواع المرمر من الهند وإيطاليا مقابل السكر، كما كانت تزين جنبات القصر.. تماثيل لحيات مصنوعة من المرمر، وتماثيل أخرى لنمور وأسود وعقبان مذهبة ومفضضة تنساب المياه من أفواهها.. تظفي على المكان الكثير من الهيبة والعظمة.
وتتمة لما قلناه فقصر البديع.. كان يحتوي على العديد من القباب نذكر منها قبة الزجاج (كريستال) الملون.. حيث وصفها الفشتالي بعبارة غاية في الروعة والدقة.. “فإذا أشرقت الشمس عليها رأيت ملكاً كبيرا”، ولربما لأخد صورة جلية عن جمالية قصر البديع يفرض علينا الكثير من الخيال لأن جماله يعانق الخيال وأُعتبر أعجوبة العجائب.
بالإضافة إلى قباب أخرى.. ولربما أساميها تعبر عن مافيها كقبة التيجان، وقبة الذهب والنصر والقبة العظمى.. بالإضافة للقبة الحمراء والخضراء والبيضاء، بها أعمدة رخامية سوداء زينت بورق الذهب الرفيع، وجدرانا بها قطع زليج محكم القطع، والمقرنصات ونقوش جبصية مذهبة بالإضافة إلى استخدام آخر تقنيات.. حيث كانت الكتابات الجدرانية بالمرمر الأسود في بياض.
ويصفه الرسامون والمؤرخون والشعراء، هذا الصرح العظيم بأن عمارته المغربية الخالصة.. لامست فنونها سحر الخيال ولخص فيه المنصور الذهبي رحمه الله رحيق الإبداع وأنها لم يسبق لها مثيل، فقد كان حقا أعجوبة العجائب.