.تمغربيت:
فإذا ذكر الإرهاب بالمغرب، فالمرجع والذاكرة يعودان بنا إلى تاريخ.. 16 ماي 2003.. ومدينة الدار البيضاء، حيث عرف المغرب أعنف تفجيرات انتحارية في تاريخه، تفجيرات متزامنة نفذها 12 انتحاريا، استهدفت مطعما سياحيا وفندقا وقنصلية بلجيكا.. إضافة إلى مقبرة يهودية.. وكان لتلك الهجمات، وقع شديد على الرأي العام المغربي.
وشكل هذا التاريخ محطة ومنعطفا كان له ما بعده؛ على المستوى الأمني، حيث دفع المغرب لتغيير سياسته الأمنية تجاه التطرف والتنظيمات المتشددة.. وعلى المستوى الديني أيضا حيث بدء المغرب في القيام بإصلاح شامل للحقل الديني. وعلى المستوى الاجتماعي ثالثا حيث دشن المغرب ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمعالجة معضلات الفقر والهشاشة في صفوف الفئات الهشة في المجتمع.
هذه الاستراتيجية الشاملة الثلاثية الأبعاد، في معالجة خطر الإرهاب، جعلت من المغرب، مع تراكم التجربة، نموذجا خاصا بحق، في التعامل مع ظواهر العنف والإرهاب والتنظيمات الإرهابية ، حيث تميز بنهج أساليب وآليات مواجهتها بشكل استباقي على خلاف الأسلوب العلاجي الكلاسيكي المعتمد عادة في غالبية الدول.
بهذا بقي المغرب بشكل عام في منأى عن هجمات إرهابية، باستثناء عملية جامع الفنا/مراكش عام 2011. ومقتل السائحتين الإسكندنافيتين عام 2018.
لمعالجة هذا الموضوع الشائك، نحاول في هذه المقالة، استدعاء ما عبر عنه أحد الوجوه الخبيرة في مجال الحركات المتطرفة واستراتيجية الأمن : يتعلق الأمر بالدكتور عبد الحق الصنايبي.
فمنذ ذلك التاريخ، يقول الدكتور الصنايبي: عرف المغرب تغييرا في سياسته تجاه التطرف والتشدد، فقام بتطوير تعامله الاستراتيجي إزاء الظاهرة الإرهابية، باعتماد استراتيجية جديدة شاملة ذات أبعاد ثلاثة:
الاستراتيجية ذات الأبعاد
الظاهرة بمقاربة أمنية من جهة .. ومقاربة دينية وفكرية من جهة ثانية .. ومقاربة اجتماعية من جهة ثالثة…هذا النهج الاستباقي المتعدد المسارات والمقاربات،استطاعت المملكة المغربية بفضله.. تغيير المؤشر العالمي الذي يقيس الدول الأكثر تعرضا للتهديدات الإرهابية، بشكل إيجابي.
..ففي مقاربة المغرب أمنيا.. لظاهرة الإرهاب واستراتيجية محاربة الظاهرة الإرهابية.. يفسر الخبير المغربي في استراتيجية الأمن القومي.. أن الأجهزة الأمنية المغربية تعمل على “تهيئ المناخ لاستباق الضربات النكائية للتنظيمات الإرهابية.. من خلال منظومة الإخبار والاستخبار والمعلومات الأمنية بمختلف تصانيفها، وأيضا التنسيق الأمني على المستوى الإقليمي والجهوي والدولي”.
للتذكير، فعلى مستوى الشق الأمني.. راكمت السلطات المغربية خبرة كبيرة، وعززت مكانة البلاد كحليف مهم في محاربة الإرهاب.. والهجرة غير النظامية لعدد من الدول الغربية.
كذلك الأمر بالنسبة للمقاربة الدينية، يضيف الدكتور الصنايبي : فضلا عن صفة أمير المؤمنين للملك برمزيتها الدينية الواضحة، والمستمدة من شرعية البيعة.. فقد عمدت المملكة المغربية.. “لإعادة هيكلة وإصلاح الشأن الديني.. وحصر الفتوى في المجلس العلمي الأعلى، وكذا إعادة تكوين القيِّمين والمرشدين الدينيين، لتحصين الحقل الديني من بعض المؤثرات الفكرية الواردة من المشرق (المتسمة بالعنف والتكفير)
دائما في إطار استراتيجية المغرب لعلاج الظاهرة بشكل شامل، عمدت المملكة أيضا إلى المقاربة الاجتماعية التنموية.. لمواجهة الهشاشة والفقر والبطالة، من خلال برامج عديدة.. أبرزها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي افتتح الملك محمد السادس ورشها.. والمستمر إلى يومنا منذ عام 2005.. يتبع