تمغربيت:
ذكرنا في الحلقة السابقة.. أن “شارل نوغيس Charles Noguès” عُيِّن مقيما عاما بالمملكة المغربية الشريفة، خَلَفا للمقيم العام السابق.. “مارسيل بايروتون Marcel Peyrouton” من تاريخ : 8 أكتوبر 1936 إلى 7 غشت 1943 .. وخلفه في هذا المنصب “غابرييل بويو Gabriel puaux” عام 1943.
بعيدا عن الانتداب والتاريخ السياسي، عرفت فترة “سلطة إقامة” نوغيس، نشأة وتأسيس أحد أعرق الأندية الرياضية بالمغرب؛ يتعلق الأمر بنادي الوداد الرياضي البيضاوي..
فما علاقة نوغيس بوداد الأمة؟
حملت الحماية الفرنسية بالمغرب معها تقاليد غربية منها ما يتعلق بالرياضة وطريقة اللباس واللغة إلخ.. فكان حظ كرة القدم التي سحرت العالم من بين الرياضات التي انتشرت في المغرب آنذاك سواء كلعبة أو فرجة ونشاط وترفيه.
فكان على” سلطة الإقامة” أن تساير رغبات المعمرين في توفير فضاءات لممارسة هواياتهم وتأسيس هيئات رياضية كما هو الشأن في أوربا.. فأصدرت قوانين تُعنى بتأسيس جمعيات ونواد رياضية، شريطة أن تبقى أمور التأسيس والتسيير محصورة في الفرنسيين أو الأوربيين عموما.. ويمكن للهواة المغاربة أن ينضموا إليها كلاعبين وممارسين فقط.
ذلك أن فرنسا كانت تخشى أن تتحول هذه التجمعات والتجمهر إلى فرصة داعمة للمقاومة تنتقل إلى مجال للتعبئة والمقاومة. والشاهد هنا أنها كانت تسمح بتأسيس نوادي لرياضات لا تحظى بشعبية كبيرة مثل السباحة وكرة الماء والتنس إلخ .. لذلك نجد إلى يومنا أسماء موروثة منذ ذاك الزمن باسم “سطاد” و”أولمبيك” و”راسينغ” إلخ.
بالمناسبة، فالعنصرية الفرنسية طالت المغاربة اليهود كما المغاربة المسلمين.. فالكل عانى من عنصرية فرنسا واحتلالها وقمعها، لا فرق في هذا بين يهودي أو مسلم، أمازيغي أو عربي أو عبراني.
في ظل هذا الوضع الكولونيالي، فكر أحد السباحين المغاربة وهو عبد اللطيف بنجلون التويمي، رفقة أصدقائه المغاربة في تأسيس ناد متعدد الرياضات (السباحة وكرة القدم في البداية) للمغاربة فقط هربا من العنصرية التي كانوا يلاقونها في أندية فرنسية.. إلا أن القوانين كانت تمنع هذا كما سلف ذكره.
الجزائر مقاطعة فرنسية
والصدفة تشاء أن يكون قريبا منهم أحد الفرنسيين من أصول جزائرية، متعاطف ومقرب من المغاربة (فالجزائريون كانوا يعتبرون فرنسيين بشكل قانوني وطبيعي في تلك الفترة.. فالجزائر كانت تابعة لوزارة الشؤون الداخلية خلاف المستعمرات الفرنسية الأخرى التي كانت تابعة للشؤون الخارجية .. فافهم !)
فاقترح هذا الأخير، أن يتم تأسيس ناد متعدد الرياضات بما فيها كرة القدم من خلال تقديم طلب خطي للمقيم العام (نوغيس) الذي كان لصاحبنا اتصالات شخصية به.
وهو ما كان حيث وافق ووقع نوغيس على الطلب دون التحقيق والتمحيص في تفاصيله وبنوده.. وهكذا أصبح نادي الوداد له صفة قانونية كنادٍ جامع لعدد من الرياضات. فكان أول فريق يحمل الهوية المغربية 100%.. طبعا الكل يعرف قصة اسم “الوداد” المقتبس من كلمات أغنية لكوكب الشرق السيد أم كلثوم وهذا في حد ذاته إشارة وعلامة قوية.