تمغربيت:
لا بد أثناء البحث والنبش في االأحداث لتاريخية، من الناحية المنهجية، من مراعاة السياق التاريخي؛ وإلا انهار البحث والتحليل والنسق برمته، وربما وقع إسقاط زمن ومرحلة على أحداث في زمن ومراحل مختلفة..
وبما أننا نتحدث من خلال سلسلة متتابعة من الحلقات عن “أزمة ثم مصالحة” مغربية جزائرية وما سبقها وتداعيات ما بعدها، آثرت في هذه المقالة الخفيفة أن أغَلِّب جانب البسط والدعابة التي تحدث غالبا على هامش الأحداث المحورية الثقيلة الوازنة..
سياق ما قبل حرب الرمال
أما السياق الذي سبق بقليل، حرب الرمال “جزائريا” ، (فقد اتسم بانقسام في الصف القيادي لجبهة التحرير الجزائرية، وبروز تكتلات سياسية لجأ بعضها (وعلى رأسها الزعيم آيت أحمد) إلى التمرد العسكري بمنطقة القبايل على الحكومة الشرعية). هذا ما قاله في الصفحة 162 .. د. عبد الهادي بوطالب في مؤلفه: “نصف قرن في السياسة” (دار أبي رقراق 2001)
وفي نفس الصفحة يشير إلى أن الحسن الثاني سبق أن وقَّت زيارة للولايات المتحدة الأمريكية تلبية لدعوة من الرئيس الأمريكي.. الأمر الذي تزامن مع دعوة بن بلة هو الآخر للملك وجهها إليه عبر وزير الخارجية الجزائري آنذاك: الراحل الخَميستي، فسارع الملك لتلبية دعوة بن بلة أولا (فأخّر الدعوة الأمريكية الأولى وأعطى الأسبقية لزيارة الجزائر).
والواضح من دعوة الجزائر للحسن الثاني أنها جاءت في سياق صراع داخلي على السلطة في صفوف جبهة التحرير الوطني تمثل في بداية عمليات التمرد عسكريا على السلطة الحاكمة المنتمية لمجموعة الحدود، المنقلبة على مجموعات الداخل..
أما ما جرى من تعهدات صريحة جدا من بلة للحسن الثاني سنتركه لمناسبة أخرى.. فالسلسلة مازالت مستمرة..
ولندخل إلى جو الدعابة التي تخللت تلك المحادثات الثنائية رأسا لرأس بين الرجلين، حيث يلتقي الجميع في فترات استراحة.. ونشير هنا أنه من بين الوفود التي رافقت الملك في زيارته كان الدكتور عبد الهادي بوطالب صاحب هذا المرجع، كوزير للإعلام.. كما كان حاضرا أيضا الدكتور عبد الكريم الخطيب كوزير للدولة في الشؤون الإفريقية. فبادر هذا الأخير الرئيس بن بلة بنكتة من أجل البسط والدعابة لكن على شكل سؤال (وأي سؤال !!) في الصفحة 164:
“ألا تفكرون فخامة الرئيس في إدخال تعديل على حكومتكم أعتبره منطقيا؛ إذ به تضعون الرجل الصالح في المكان الصالح.. فتسندون وزارة تربية المواشي إلى الوزير “بومَعزة”.. ووزارة التموين إلى الوزير “بوخبزة”.. وتضعون الوزير “بو مَنجل” في وزارة الفلاحة.. والوزير “بوتفليقة” في الشرطة ؟؟؟”
رحم الله الدكتور الخطيب، لاندري ما كان سيقوله في “بوقادوم” و”بوخروبة” و”رزييق” وطبعا “شنقريحة” و”تبون” ؟!.. يتبع