تمغربيت:
للبطل المغربي طارق بن زياد الفضل الكبير في فتح الأندلس.. فبعد المقالة السابقة عن مهمة القائد الأمازيغي طريف بن مالك لبلاد ما وراء البحار، والتي تكللت بالنجاح بفضل نباهته التي سهلت عملية مرور الجيش المغربي الأمازيغي للأندلس وفتحها.. نتناول ملحة أخرى لهذا البطل المغربي الأمازيغي.
وفي هذا الصدد أصبحت لطارق بن زياد صورة واضحة عن بلاد الأندلس.. فقد درس كل صغيرة وكبيرة مستغلاً خلاف الملك لذريق في الجنوب مع آل غيطشة في الشمال، فكان لطارق بن زياد الحنكة الديبلوماسية والخبرة في الشؤون العسكرية والتخطيط في الميدان الحربي.. والتي خولت له عقد اتفاق مع آل غطيشة بمباركة يوليان.. لعزل لوذريق والقضاء عليه، والذي كان الهدف الرئيسي لدى جميع الاطراف.
وهكذا بدأ البطل المغربي طارق بن زياد اجتياحه للأندلس مباغتا الملك لذريق الذي كان في الشمال.. ومستغلا الصراع القائم بين لذريق و آل غطيشة. وعندما علم الملك لذريق بما يقوم به طارق بن زياد وأن جيش قادم من المغرب قد دخل إلى أراضيه، قرر عقد الصلح مع آل غطيشة والتحالف معه.. والنزول معاً إلى الجنوب لردع القوات المغربية بقيادة طارق بن زياد.
وعلى هذا المنوال سارت الأمور.. فنزلت جيوش القوط والتي قدرت ب 30 ألف جندي أو أكثر حسب المؤرخين.. بين جيوش الملك لوذريق وآل غطيشة لمواجهة جيش المغاربة بقيادة طارق بن زياد والذي قدر بحوالي 12ألف جندي فقط، فقد كان التفوق كبيراً وواضحاً لجيوش القوط.. إلاّ أن خطة طارق بن زياد كانت محكمة، فقد كان السبّاق لأرض المعركة واتخذ منطقة عالية تخول له رؤية ساحة المعركة بوضوح في منطقة تسمى وادي لكة.
خطة طارق بن زياد المحكمة
ونتيجة لذلك أمر البطل المغربي طارق بن زياد جيشه بالالتزام بأماكنهم.. والانصياع للأوامر من أجل نجاح الخطة التي رسمها. وهنا علم الملك لذريق أن المكان الذي اختارته جيوش المغاربة تعد استراتيجية للغاية إلاّ أن غروره بأعداد جيشه دفعته للاندفاع الكلي، فقد كان رجال لذريق يتوسطون الجيش، وبعد تشابك رجال لذريق مع المغاربة قامت جيوش آل غطيشة بالإنسحاب.. تاركين جيش لذريق لوحدهم ، فأمر طارق بن زياد جيشه بالالتفاف وتطويق جيش العدو، وهي واحدة من أخطر تكتيكات الحروب (فكي الكماشة).. فمات الملك لذريق وانتصر المغاربة.
ومما لا يدع مجالا للشك أنها كانت بداية نحو فتح عظيم.. وبزوغ فجر الحضارة المغربية التي ستشرق في سماء الأندلس لتستمر لقرابة ثمانية قرون، ولولا خيانة الجبناء لصمدت حضارة العظماء.. ولا غالب إلاّ الله.