تمغربيت:
اخترنا لكم صورة معبرة من بين مئات الصور التي انتشرت مؤخرا في المغرب ومن المغرب، جابت قنوات وصفحات إعلام العالم، فأسَرَت مئات الملايين من المشاهدين؛ من العرب والعجم والشعوب الغربية والشرقية واللاتينية ووو.. صور معبرة بحق، عن سجيَّة الإنسان المغربي ونيته، عن تدينه المعتدل وسلوكه المتصوف، عن طبيعته التقليدية المحافظة الإيجابية، وعن أخلاقه وثقافته المتجذرة في جيناته الموروثة من أجداده منذ قرون وقرون..
صورة تختزل “تمغربيت”
صورة لعجوز مقوسة الظهر مستعينة بعصاً (عكاز) عساها تجمع الخطى، وهي تحمل ما تيسر لها من هبة على شكل 5 ليترات من الزيت، لتمسح بها دموع المتضررين من زلزال الحوز.. مثلها مثل صاحب الدراجة الذي تقاسم خنشة طحين حملها من بيته لفائدة إخوة له في الحوز.. مثلها مثل عجوز أخرى لم تجد مالا ولا سلعة تهبها صدقة مقبولة بإذن الله لضحايا الفاجعة، فنزعت خاتمها (لعله خاتم زواجها منذ عقود) لتهبه كعربون مساعدة لضحايا الزلزال..
العجوز المقوسة التي حملت القنينة بعناء، يستقبلها شاب صغير ليحمل عنها قنينة الزيت.. وبكل أدب ينحني فيسلم ويقبل ويبوس يدها، أدبا واحتراما لسنها وعملها الإنساني، كما هو متعارف عليه في المغرب خصوصا بمناطق الحوز..
فالانحناء وتقبيل الأيدي والرؤوس، خُلق وشمة تعارف عليها المغاربة منذ قرون، فهي عادات أمازيغية عريقة عراقة هذا البلد الأمين.. لم تتخل عنها أجيال القرن الواحد والعشرين رغم موجات العولمة والرأسمالية المتوحشة والانحلال الخلقي الذي انتشر مع الحضارة الغربية المعاصرة..
فيُقبِل الصغير على تقبيل يد أو رأس الكبير.. ويقبل العامة لتقبيل يد ورأس العالم والفقيه والشيخ.. ويتقدم المغاربة لتقبيل يد ملكهم كما يفعل الأمراء أيضا مع ملكهم.. كما انتشرت صور لملك البلاد وهو يقبل رؤوس المصابين المتضررين من الزلزال أثناء زيارته لهم بمستشفى مراكش..
صورة معبرة، جمعت بين التكافل والتضامن الذي قل نظيره في العالم، من طرف الصغار والكبار والعجائز والأغنياء والفقراء.. كما جمعت بين أخلاق المغاربة وانحنائهم احتراما لكبيرهم وعالمهم وملكهم.