تمغربيت:
تزايد الحديث مؤخراً عن الأندلس.. وعن من بنى الحضارة هناك، ومن كان له الفضل في الحفاظ على الأندلس وعلى علومها.. ويبقى السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه، هو كيف يمكن أن تبني حضارة في أرض الغير ولا نجد لها أثرا في البلدان الأصلية ؟ وكيف تقول أن الأندلس غير مغربية.. وأنت تعلم أن رجال المغرب المرابطون، وهم من كانت لهم الكلمة الأخيرة في محاربة بطش وطمع القشتاليين، وتعلم علم اليقين أن معمارها مغربي خالص.
وهنا يجب التنبيه والتذكير بأن للإمبراطورية المغربية الشريفة الفضل الكبير على الأندلس.. وأن جيوش المسلمين انطلقت من شمال المغرب، وأن للمغرب تواجد في إسبانيا حتى قبل دخول الإسلام. فقد كان للأمازيغ المور وهو الاختصار لاسم “(مور) يطانية الطنجية” حضور في جنوب إسبانيا، سنفصل فيها في مقالات قادمة بإذن الله.
جمال الأندلس يحسب للمغرب وليس العكس
إن جمال الحضارة الأندلسية بكل فصولها وتفاصيلها.. انطلق من الإمبراطورية المغربية الشريفة.. منذ الفتح الأول على يد طارق بن زياد المغربي الأمازيغي، إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين المغربي الأمازيغي أسد المرابطين.. وبطل معركة الزلاقة وما أدراك ما الزلاقة.. إلى خليفة المسلمين يعقوب المنصور الموحدي والذي أرعب اسمه أوربا.. وسطر على معركة خالدة سميت بالأرك قرب حصن الأرك بالأندلس.. ووصولاً إلى أمير المسلمين يعقوب المنصور المريني الناصر لدين الله.. الفارس المغربي الأمازيغي الزناتي الذي حارب القشتاليين، وانتصر عليهم في معركة دون نونيو دي لارا الفاصلة في تاريخ الأندلس.. وكيف طالب سلاطين بنو مرين كذلك بكتب وعلوم الأندلس.. التي كتبها الأجداد للحفاظ عليها من الضياع والاندثار..
لم ينصر الأندلس إلى جيوش المغاربة
في هذا السياق نسألكم.. أين كان القوم من كل هذا؟ وهل تعلمون اسما لمعركة للعثمانيين مثلا أو معركة جاء فيها جيشاً من المشرق لنصرة الأندلس؟.. فكيف تتكلم عن ما ليس لك فيه لا ناقة ولا جمال؟
أما مسألة المعمار فقد تكلمنا حولها في مقالة سابقة.. وكنا قد رأينا، وبمنطق الثقة في الوثيقة، تأثر بنو الأحمر بالمعمار المغربي وتأثرهم بملوك بني مرين في المغرب.. وأن مسألة المعمار محسومة بمجرد النظر لأزقة المغرب ودروبه التي تتمنى أن لا تنتهي بجمالها وروعتها وإتقانها.. وأن قصور المغرب ومدارسه ومعماره هو أصل العمارة في الأندلس.
جمل نقشت في المغرب قبل الأندلس
هناك جمل منقوشة في مدارس بنو مرين قبل بناء قصر الحمراء.. كجملة “النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا السلطان الآمر بها أبي الحسن”.. بالمدرسة المرينية بسلا. ويماثلها نقش قصر الحمراء بغرناطة : “النصر والتمكين والفتح المبين لمولانا أبي الحجاج أمير المسلمين”.
هذه بعض الضواهد والقرائن التي تقطع بأن المغرب كان سيد الحضارة في الأندلس.. ومبتكرها ومطورها وحافظها بل تفنن فيها وأبدع فيها.. وحسب موقع قصر الحمراء فإن حرفي الحمراء بغرناطة يسافرون للمغرب مراراً للوقوف على تقنيات المعمار المغربي الأندلسي.. وهذا ما يزيدنا أبهة وفخامة وتميزاً بين الأمم الأخرى.