تمغربيت:
في العودة إلى التاريخ افتخار بالحاضر واستبشار بالمستقبل واعتراف بما قام به الأسلاف في سبيل إعلاء شأن هذه الأمة.. والوقوف في وجه جميع محاولات إخضاعها أو الحط من قدرها.
في هذا السياق، ستعرف أرض المغرب سنة 1510م صعود واعتلاء الأشراف السعديين الحكم، بعدما بويعوا من طرف قبائل سوس.. وحاربوا كتف لكتف الاستعمار البرتغالي لمدينة أكادير، وتم طرده بنجاح من جميع سواحل المملكة المغربية الشريفة.. فساروا نحو فاس للقضاء على الحكم الوطاسي، بعد أيام فقط من قبولهم الدعاء للسلطان العثماني في المنابر.
هكذا إذا اعتلى الأشراف السعديين الحكم في أرض المغرب، ونجحوا في التأسيس لإمبراطورية عريقة اتخذت مراكش عاصمة لها.. وعرفت حقبة السعديين عدة حروب ومعارك، استبسل فيها المغاربة.. وحاربوا وقاوموا وانتصروا وكتبوا صفحة مشرقة أخرى من صفحات الإمبراطورية المغربية الشريفة.
ولعل ما تحتفظ به الذاكرة المغربية هي معركة وادي اللبن المجيدة، والتي انتصرنا فيها على الإمبراطورية العثمانية في أوج قوتها.. ومعركة وادي المخازن الخالدة، والتي بموجبها سقط اسمان لهما من الحمولة والمعنى مالهم من تاريخ البرتغال “امبراطورية” و “ملك”. معركة انتصرنا فيها وحافظنا فيها على الدين والأرض وعلى “تمغربيت” والتي نعتز بها بشدة.
وهناك معركة أخرى لا تقل أهمية عن هاته المعارك، ولربما القليل من سمع بها.. معركة تونديبي ضد امبراطورية سونغاي بمالي، بعدما اشتدت المناوشات حول بحيرة تغازة، والتي كان المغرب يراها منطقة حيوية يستورد منها الملح. فقرر السلطان أحمد المنصور السعدي شن حملة للسيطرة عليها، فوقعت معركة تونديبي بين الإمبراطورية المغربية الشريفة وإمبراطورية سونغاي والتي انتهت بانتصار الجيش السعدي، والذي كان يتكون فقط من 3000 مقاتل مقابل 40000 ألف مقاتل من سونغاي، وذلك بفضل البنادق التي كانت تعتبر أسلحة متطورة في تلك الحقبة، وهو ما يعطينا فكرة على اهتمام السعديين بالعلوم، وقد كنا قد تكلمنا على مدفع ميمونة في مقالة سابقة.
بعد هذه المعركة ستخضع سونغاي “مالي” للحكم والنفود السعدي، ومن هنا أخد السلطان أحمد المنصور لقبه المعروف به “الذهبي”، ليكون قد تحقق حلمه بالوصول لسونغاي، وهو حلم كان يراوده حتى قبل توليه الحكم، ليزداد أكثر بعدما انتصر السعديين في معركة واد المخازن، بعدما بسطت الإمبراطورية المغربية الشريفة سيطرتها على أهم نقاط التجارة البرتغالية الإفريقية.