تمغربيت:
علاقة كتابة البيعة ب “البروتوكول”
تطلعنا نصوص البيعات على ترتيبات البيعة من خلال مُوقعيها من أهل الحل والعقد وذوي الحيثيات فيها والقائمين على أمرها، كما نجد بينهم نخبة من علية القوم والشرفاء والوجهاء والحرفيين.. ورجالات الدولة على اختلاف انتماءاتهم، وهم يرتبون في تسلسل حسب مكانتهم في الدولة على يمين نص البيعة أو في أسفلها.
الترتيبات حسب النص
وأحيانا يشار لهذه الترتيبات في متونها كما هو حاصل في نص البيعة الآتي “وبايعوه بيعة العقد على ألوية النصر عقدها وطلع في أفق الهناء سعدها. حضرها الصدور والأعيان، وأهل الوجاهة في هذا الزمان، وذوو الحل والعقد. ومن إليهم القبول والرد من علماء أعلام، وأصحاب الفتاوي والأحكام، وعظماء أشراف كرام، ورماة كبرا، وولاة أمرا، ورؤساء أجناد.. والمتقدمين في كل ناد من عرب البدو والحضر، وجيوش العبيد والبربر، فانعقدت بحمد الله، مؤسسة على التقوى واشتد بها عضد الإسلام وتقوى.. بيعة تامة محكمة الشروط، وفية العهود وثيقة الربوط”.
وبهذا تقدم نصوص البيعات صورة عن تركيبة النخبة في سائر عهود الدولة المغربية من القديم إلى اليوم.. مما قد يفيد الباحثين في علم الاجتماع والأنتروبولوجيا بوجه خاص.
البلاغة من خلال نص البيعة
كما تفيدنا نصوص البيعات من الناحية اللغوية، في الوقوف على بعض أساليب الخطاب البلاغي المتداول زمن البيعة. حيث تتجلى في مرآة هذه النصوص تعابير الوفاء والإخلاص في حبكة أدبية رائعة وأساليب لغوية تليق بالمقام العالي للسلطان.. حيث ينتقي لكتابة هذه البيعات أبرع الأدباء وأبلغهم حتى تأتي متونها ومضامينها آية في الإبداع الأدبي الجدير بالدراسة والتحليل.
ومن نصوص البيعات ذات البلاغة الأدبية نص جاء فيه : «وبايعوه بيعة انعقد على ألوية النصر عقدها وطلع في أفق الهناء سعدها». وجاء في نص بيعة زمور بقلم مدونها : «ولم تزل نخيله بالعدل باسقة وأطيار رياضه بالصواب والحكمة ناطقة.. وأسواق علاه بالمحاسن نافقة بسلام يعطر الأرجاء ويملأ الخافقين وبضوء سناه ملء المشرقين…».