تمغربيت:
التاريخ لا يَنسى ولا يُنسى
مخطئ من يعتبر بأن ملف استكمال الوحدة الترابية المغربية قد تم إغلاقه أو سيغلق بمجرد طي ملف الصحراء الغربية المغربية.. وواهم من يظن بأن الذاكرة المغربية غير مرتبطة بأرضها وبترابها خاصة إذا كان هذا التراب قد تم اقتطاعه بطريقة دموية وإرهابية. وأيضا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الاتفاقيات والمعاهدات والالتزامات التي قطعتها الجارة شرق الجدار وأقسم عليها الجزائريون بأغلظ الأيمان.
في هذا السياق، نُذكر (فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد تنفع غير المؤمنين) بأن فرنسا الاستعمارية لم تعتبر يوما بأن الصحراء الكبرى، وضمنها الصحراء الشرقية، أرض جزائرية.. ونُذكّر أيضا بأن دوغول “منح” الصحراء الكبرى” للجزائريين “منحاً” في مقابل الشروط الأربع التالية:
- الاستحواذ على حصة معتبرة من النفط والغاز
- الاحتفاظ بالقواعد العسكرية
- الاحتفاظ بقاعدة المرسى الكبير بوهران
- القيام بالتجارب النووية في الصحراء الشرقية المغربية
هذا التصرف الاستعماري يصطدم قانونا بمعاهدة للا مغنية لسنة 1845.. ويصطدم باتفاقيات 1901 و1902، ويصطدم أيضا بتعهدات فرنسا كدولة حامية بمقتضى اتفاقية الحماية بتاريخ 30 مارس 1912.
غدر الجارة الشرقية
وفي الوقت الذي كانت فيه القيادات الجزائرية تعطي محمد الخامس والحسن الثاني (رحمة الله عليهما) الوعود المغلظة.. كانت في نفس الوقت تجلس مع الفرنسيين في الغرف المظلمة والمنازل المعزولة في إيفيان وتتفق على طعن المغرب في الظهر والاتفاق على ترتيبات ما بعد انفصال الجزائر.. ولو في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة الفرنسية.
هذه التفاهمات الجزائرية الفرنسية فرضها دوغول والتزم بها ضباط فرنسا.. والذين يعملون على استدامة السياسة الاستعمارية الفرنسية في المنطقة ما لم تحل مكان المستعمر القديم، مستعمر جديد قادر على تغيير بوصلة الحكم في الجزائر. على اعتبار أن القرار السياسي في الجزائر غالبا ما تتم بلورته واتخاذه في عاصمة أخرى خارج إطار الحدود الجزائرية والتي بدورها مرتبطة بالاستعمار باعتبارها موروثة عنه.
الصحراء الشرقية المغربية.. رئة المغرب
إن ارتباط المغرب بعمقه الإفريقي لا يمكن أن يستقيم وهو معزول ترابيا عن هذه الأرض جنوب الصحراء.. حيث تم عزله بعدما ساهمت فرنسا في تأسيس موريتانيا.. ثم عُزل مرة ثانيا عندما اقتطعت فرنسا الصحراء الشرقية المغربية.. وأيضا عندما حاولوا أن يعزلوه ثالثا بعدما اجتهدوا، يائسين، في تأسيس كيان انفصالي في الصحراء الغربية المغربية..
كل هذه المؤامرات ويُراد لنا أن نصمت صمت القبور وأن لا نتحرك وأن لا نطالب بحقنا في أرضنا ونصل الرحم بأهلنا.. وبشعوب إفريقيا التي وجدت في المغرب، دائما، الحصن والحضن والملاذ.
متى نستعيد صحراءنا الشرقية؟
في مجال الدراسات الاستراتيجية هناك مفهوم “الفرصة”، ولذلك لا يكفي الحق التاريخي والقرينة القانونية لوحدهما في استرجاع الأرض والانتصار للأهل والعرض.. وإنما يتم ذلك بالترقب وانتظار الفرصة وأيضا المساهمة في إنضاجها.. ومن تم المرور للتنفيذ المادي لسياسة استكمال الوحدة الترابية.
وقد تساعد عوامل ذاتية داخل الجزائر في تسريع وتيرة هذا الاسترجاع.. وقد تكون هناك عوامل موضوعية وفق تفاهمات دقيقة يمكن أن تتعامل من خلالها المملكة المغربية ب “ميزان الذهب”، وبالتالي النجاح في استرجاع هاته الأراضي العزيزة والتي تبقى عودتها لحضن الوطن مسألة وقت وفقط.