تمغربيت:
القفطان المغربي الموثق مع أغنية زهرة الفاسية عام 1950
إعداد: بدر بلفقير
تعد الأغنية وكلمات وشعر الأغاني تحديدا، وثيقة تاريخية، تتجلى من خلالها مظاهر دالة على ظواهر اجتماعية أو ثقافية أو أحداث بعينها إلخ.. في زمن أو فترة أو تاريخ معين وجغرافيا محددة.
وقد سبق لنا في “تمغربيت” أن جئنا بأغاني جزائرية شاهدة على تاريخ سلاطين المغرب العريق.. وشهادة على مساعدة ومؤازرة الملك الحسن الثاني لحرب تحرير الجزائر.. من خلال “أب أغنية الشعبي” الجزائرية، ألا وهو الحاج العنقة أو الحاج العنقيس رحمه الله.
كما أشرنا إلى توثيق الأغنية الجزائرية منذ عقود، لظاهرة جلب الجزائريات للقفطان والخلخال والمقياس والصباط ووو من المغرب (من فاس ومكناس والرباط).. ويتعلق الأمر بأغنية ( الهواوية منين جاك الصباط .. القفطان .. منين جاك) لجعفري مراد..
مع توثيق القفطان بالصوت والصورة
اليوم .. لنا موعد مع مقطع فيديو، مرفوق بالمقالة لأغنية قديمة.. أقدم من الجزائر نفسها، منذ 1950.. ل”زهرة الفاسية”.. والتي تغنت فيها بالقفطان المغربي ذو الشهرة والصيت العالمي، وهي تقارنه باللباس العصري الأوربي “المقزب” والغير محتشم .
الأغنية بكلماتها، على بساطتها، تعتبر توثيقا تاريخيا لفترة زمنية استعمارية
هذه الأغنية بكلماتها، على بساطتها، تعتبر توثيقا تاريخيا لفترة زمنية استعمارية (المغرب كان يعيش زمن انتداب وهو أقل وطئا من الاستعمار.. ولا يصل إلى شر أنواع الاستعمار الذي عرفته جغرافيا الجزائر ألا وهو الاستعمار الاستيطاني).
في هذا السياق، توثق الأغنية لذلك التداخل بين الثقافات، المغربية والأوربية، وكذا الصراع أحيانا بين الأصيل والحديث في شكل من أشكال التدافع بين الأصالة والتراث من جهة.. والحداثة والمعاصرة من جهة ثانية. تداخل وأحيانا تدافع وصراع بين القديم والجديد، تداخل فرض في الأخير نوعا من التوافق بين أفضل ما في القديم وأحسن ما في الجديد.. في أسلوب لا يتنكر للتراث كما لا يقصي الحداثة.. ولعل أفضل تعبير، في هذا المقام، على هذه الإشكالية والمعادلة الصعبة هو قول المغاربة (الجديد ليه جدَّة والبالي لا تفرط فيه).. وكأن قاعدة المغاربة تحثهم على تعلم القديم أولا (في العلم والتعلم وفي الطبخ، وفي الخياطة واللباس، وفي التقاليد كلها) ومنها ينطلقون لاكتشاف الجديد ثم المزج بين القديم والجديد في إبداع مثالي يجعلنا بجد وبحق وحقيق أمام “الفرادة المغربية”.
متن الأغنية
في مطلع كلمات أغنية “زهرة الفاسية” في 1950م تقول:
_ (ثيابنا يا محجوبة فيها كل ما تحتاجيه) .. (قفطانا ولا موضة والعالم كله يفخر بيه)
_ (علاش مشيتي خيطتي كسوة مقزبة تشوهتي) .. (حشومة يا محجوبة )
والكلمات هنا توثق للتعديلات والتطور الذي عرفه القفطان، والذي مازال المغاربة يبدعون في تطوير أشكاله وأنواعه وطروزاته ووو
والكلمات أيضا توثق هنا لظاهرة تأثر النساء في أوربا وأمريكا والعالم بالقفطان المغربي بل والتهافت عليه.. على اعتبار أنه لباس يعكس ثقافة أصيلة، ومع تطوره أصبح يعكس جمالية وأناقة وفخامة خاصة.. وأكثر من هذا، فلكل قفطان مع كل مصصم أو مصممة، قصته وحكايته ويعطي لصاحبتها إطلالة خاصة بها بين كل نساء العالم.. فأي امرأة تختار القفطان إلا وتصبح أميرة بين الأميرات وعروسة بين العرائس..
تقول كلمات الأغنية أن القفطان (مع تطوره بأنامل المعلمين والمصممين والمصممات المغاربة) أصبح موضة، والحقيقة أنه أكثر من هذا فهو “أسلوب لباس وأسلوب حياة وأسلوب احتفاء واحتفال بالنسة للنساء un style”.
ولهذا صمم له مشاهير العالم التصاميم والفايشن أمثال “غوتييه Jean Paul Gaultier” و” كينزو Kenzo” و” كريستيان لاكروا Christian Lacroix” إلخ
ولهذا لبسته مشاهير العالم على خشبات المسارح الكبرى أو مشيا على السجاد الأحمر..
فهذه كوكب الشرق أم كلتوم عام 1968 تلبس القفطان المغربي الذي لا يعلى عليه.. كما لبسته، على سبيل المثال لا الحصر، النجمة العالمية إليزابيث تايلور، ونجمة الغناء والتمثيل وتني هويستن، والمطربة ماريا كاري والممثلة سوزان سارندون إلخ إلخ كما هو الأمر بالنسبة للفنانات العربيات والتركيات مثل التركية توبا يويكستون، وأحلام، وأصالة ، وهيفاء، وطبعا طبعا، ماجدة الرومي، وشيرين عبد الوهاب والكثير الكثير منهن.. فضلا عن بنت الرئيس الأمريكي ترامب فانيكا ترامب وبالتأكيد الذكية والجميلة سيدة البيت الأبيض السابقة ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون .