تمغربيت:
من المفارقات العجيبة في بلاد الفقر الحضاري والقحط التاريخي أن تجد مؤرخي الحمير والبغال يدّعون بأنهم كانوا دولة ذات سيادة.. بل وزعموا بأنهم أصل الحضارة ومهد الديانات، ولله في خلقه شؤون. في حين أن جميع من حكموا البلاد هوك قبل 1962 لم يكونوا جزائريين في الأصل.
في هذه المقالة سنقوم أولاً بتحليل بسيط لمفهوم السيادة.. حيث يعرف مفهوم السيادة في الحق الكامل للهيئة الحاكمة وسلطتها على نفسها.. دون أي تدخل من جهات أو هيئات خارجية. وهنا مربط الفرس حيث نجد أن جميع من حكموا جغرافيا الجزائر.. من بيلربايات وباشوات ودايات وآغوات كانوا يعينون بفرمانات من الباب العالي بإسطنبول.
في هذا السياق، كان السلطان العثماني بالأستانة يتدخل حتى في نوع الحكم أو السلطة، من حكم البايلرباي إلى حكم الباشاوات وصولاً الأغوات ثم عهد الدايات، فكل هذه الصلاحيات كان يتمتع بها السلطان العثماني بإيالة الجزائر، وكان يعتمد كذلك مبدأ التعيين السريع وتغيير الحاكم من طرابلس مثلا إلى الجزائر حتى لا تتطور النزعة الاستقلالية.
هذا وقد سبق لمؤرخ الحمير والبغال، في إحدى حلقاته، أن رد على سؤال لماذا جميع دايات الجزائر ليسوا جزائريين؟ فكانت الإجابة أن الجنسية لا تهم بقدر ما يهم ولاؤك لإيالة الجزائر وطريقة انتخابك.. وهنا جاء العذر أقبح من الزلة.. فكيف لاحتلال دام قرابة 4 قرون ولا جزائري أظهر فيها ولاءه لبلده ليكون داي على إيالة الجزائر.. فلابد أن قولة بوخروبة الشهيرة بأزمة الجزائر أزمة رجال قولة صالحة لكل زمان ومكان.