تمغربيت :
اخترنا لكم مقالة نشرتها العرب اللندنية بقلم الكاتب المغربي طالع السعود الأطلسي تحت عنوان.. “الدولة في الجزائر تتجاهل ألغامها وتفتخر”. ويدور المقال حول ردة الفعل الجزائرية البئيسة مع انطلاق مناورات “الأسد الأفْريقي” العسكرية الدوْلية الأضْخَم والأهَمّ في أفريقيا.. والتي لها مدْلولات سيّاسية لا تقولُها، وإن كانت تَنْضَح بها. و”يُقْلِقُ” قيادة الجزائر منها أنها تجْري في المغرب، الجار اللّدود.
نص المقال
إن بعض الأحداث والوقائع تُفسِّر أُخْرى، سابقة عليها أو لاحِقة، وتُوضِّحها أو تفضحُها، ولنا مثال من الجارة الجزائر.. وعلى الخصوص من الفريق الأول سعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري، والذي أدى قبل أيامٍ، زيارة تفتيش إلى المنطقة العسكرية الثانية ومقرُّها وهران.. حوالي 300 كيلومتر على حدود الجزائر مع المغرب.
تمرين عسكري وحشد ضد “العدو الأزلي”..
على المستوى الميداني، أشرف شنقر يحة هناك على تمرينٍ عسكري، أو مُناوَرةٍ بالذَّخيرة الحيَّة، للوُقوف على مدى جاهِزِيَّة فَيَالِق الجيش هناك على القيام بما يُمكن أن تأمُر به قيادتُها. في الوَهْلة الأولى بَدَتْ تلك الواقعة من عادِيَات أنشطة رئيس الأركان، فعالية باتت روتينيّة، يزور المناطق العسكرية.. يُلْقي في ضُبّاطها وجُنودها كلمةً “توجيهية”، وغالبًا ما تكون تعْبويّةً و”مُنَشِّطة” للمَعْنَويات ضدّ أعداء الجزائر “الّذين يتربّصون بها”.
وحتّى وهم من داخل الجزائر، فإن الفريق أوّل يجدُ لهم صِلَةً مع “عدُوٍّ” خارجي يوجِّهُهُم.. وغالبا ما يُلَمِّح أو يَكاد يُصَرِّح، بأنّ “العدُوّ” هو المغرب. لنقُل إنّ ذلك من “حِرْصِه” على إراحَة ضَميرِه، بأنه يؤدّي عمله والّذي يتقاضى عليه راتبا مُعْتَبرا من المال العام.. ويجْني منه مكانة ونُفوذا في قيادة الجزائر، العسكرية والمدنية.
الجزائر تعلم محدودية قدراتها العسكرية..
ومع اجتماع مجلس الأمن المُصَغّر، ليوم فاتح يونيو، برئاسة عبدالمجيد تبون، والذي خُصِّص “لدراسة الأوضاع العامة في البلاد والأوضاع على الحدود”.. بدا أن زيارة شنقريحة إلى وهران جِدّية أكثر من المُتوَقّع، وهو ما سَيَليه تكْثيف التَّواجد العسكري الجزائري على الحدود مع المغرب أكثر، كمًّا ونوعًا، من المألوف في تِلْك الجِهَة.. ولكِنّني لا أتصور أن في هذا التَّحرُّك استعداد للحرب ضد المغرب، لأن القيّادة العسكرية الجزائرية تُتابع الجاهزية العسكرية المغربية لصدِّ أي هجوم.. بالمُطارَدَة الفاعلة التي تَتَولاّها القوات المسلحة الملكية لـ”بَهْلَوَانِيّات” ميليشيات بوليساريو، شرقَ الجدار المغربي على الحدود مع الجزائر.. ما جعل تلك الحدود موضوع بلاغ “مجْلِس الأمن المصغر”، والأوضاع الداخلية هي على حِدَّة من التَّوَتُّر بحيث لا تسمح بمُغَامَرة حرْبٍ ضِدّ المغرب.
الأسد الإفريقي يستفز العسكر
سيتبين إذا بأن “مناورة” شنقريحة، سَتَكْشِف أهمّيتها وتوضّح مراميها تمارينُ الأسد الأفريقي التي انْطَلقت الاثنين 5 يونيو بالمغرب. لقد كان “المحترم” مُتابعا للإعْدادات الجارية لحلول “الأسد الأفريقي” بالمغرب – هو تمرين مُعْلَن ولأشْهُرٍ – والفريق أول غيرُ مدْعوٍّ له..
“الأسد الأفْريقي” تمارين عسْكرية دَوْلية هي الأضْخَم والأهَمّ في أفريقيا، ولها مدْلولات سيّاسية لا تقولُها، وإن كانت تَنْضَح بها. و”يُقْلِقُ” قيادة الجزائر منها أنها تجْري في المغرب، الجار اللّدود، وبعض عملياتها تجري في الأقاليم الصحراوية المغربية وفي “المحْبَس” خاصّة.. والأهم أنها أضحت مَوْعدا سنويا قارا، أجازهُ للقُوّات الأميركية الكونغرس الأميركي العنيد. وحَمّلَ تِلك الإجازة معاني شتّى، منها الثِّقة بالمغرب سياسيا وعسكريا ومنها التعامل مع المغرب بكلِّ أقاليمه.. وضمنها الأقاليم الصّحراوية المُسْترجعة من الاستعمار الإسباني، ومنها تلك التي تشْمَئِزُّ منها قيادة الجزائر، وهي المُفاضَلَة بين المغرب والجزائر لفائدة المغرب.
ولهذا حلَّ شنقريحة بوَهْران، غيرَ بعيد عن البَلَد موْقع مُناورات الأسَد الأفريقي، لكي يُعْلِن للْمُشاركين فيها كوْنُه موجودا، ولديه آليات وذَخيرة. هي إذن عملية اسْتِباقية جزائرية، بادَرَت بمناوراتها استقبالا لمناورات الأسد الأفريقي.. كما لو أنها اسْتِضافة ذاتيّة فيها. نَقْرٌ على الباب الموصَد أمامها، جرَّاء شُعور حادٍّ بالعُزْلة عن أفريقيا وشعور بضُمُور الحُضور في القَرار الدّولي ونَقْصِ الاعتبار لدى القِوَى الفاعلة فيه.. يتبع