تمغربيت:
تقديم
منذ سنوات عدة، عمدت المملكة المغربية إلى تسجيل عناصر التراث المغربي في لائحة التراث اللا المادي “لليونسكو- UNESCO” (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة).. كمسلك قانوني وفق مساطر دولية أممية. من أجل التوثيق والتأريخ عموما، وحماية التراث الثقافي اللا مادي خصوصا، من التقليد وكذا السرقة الموصوفة التي تَتّبِعها بعض الدول والجارة الشرقية الفاقدة للتأريخ والهوية على وجه التحديد.
تعريف التراث اللا مادي
ويقصد بالتراث “الثقافي غير المادي” أو “التراث اللا مادي” أو “التراث الحي” هو مجموع تلك الممارسات والتمثيلات والتعبيرات والمعارف والمهارات.. التي تنقلها المجتمعات من جيل إلى جيل. فتمنحنا طبقات من التراكمات الثقافية والحضارية عبر التاريخ.
والمملكة المغربية من البلدان القلائل التي تمكنت من تسجيل 11-عناصرا تراثيا مغربيا حيا في لائحة التراث غير المادي لليونسكو من بينها:
موسم طانطان:
سمي نسبة إلى منطقة طانطان بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.. وهو موسم تراثي ينظم سنويا في المدينة. ويتم فيه استقبال عشرات القبائل، لاستعراض مختلف مظاهر الحياة الصحراوية بعاداتها وتقاليدها.. ومناسبة لتبادل المعارف والمهارات والمنتوجات الثقافية والحضارية بين الزوار وأبناء المنطقة.. بهدف الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي للمنطقة.
وقد تم تصنيف موسم طانطان، سنة 2005 من قبل منظمة اليونيسكو ضمن “روائع التراث الشفهي الغير مادي للإنسانية”.. قبل أن يتم تسجيله سنة 2008 بالقائمة التمثيلية للتراث الثقافي الغير مادي للإنسانية، ضمن مجموعة التراث المغربي الحي واللا مادي.
موسم طانطان.. تقليد عريق
ويمثل موسم طانطان، وفق المنظمين، شاهدا حيا على صون وتعزيز التراث الغير مادي.. ومخلدا لتقليد عريق كفضاء للتنوع الثقافي، يساهم ويعزز الارتباط العميق للأقاليم الجنوبية للمملكة بأصولها وعاداتها، كما يمثل شهادة حية على الثقافات الشفوية والفنية الصحراوية،.
ويعتبر موسم طانطان بالنسبة للصحراويين إرثا تاريخيا، يعيدون عبره إلى الذاكرة بعضا من عادات وتقاليد البدو الرحل.. ويقدمون لضيوفهم وجها آخر للصحراء، غني بالموروث الحضاري والثقافي. كما يقدم الموسم صورة عن الإنسان الصحراوي الذي يسكن منطقة راكمت موروثا حضاريا يصنف اليوم إرثا عالميا.
والجدير بالتذكير، أن كل نسخة من هذا الموسم، الذي يقام كل سنة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تتخذ لها شعارا وعنوانا محددا. كما يتم اختيار ضيف شرف في كل نسخة (من خلال تخصيص جناح تشرف عليه لجنة إدارة المهرجانات والمؤسسات الثقافية والتراثية لضيف الشرف).. تعبيرا واعترافا للعلاقات الثقافية والتاريخية بين المملكة الشريفة ومختلف البلدان والشعوب، كما وقع الاختيار سابقا مع ضيوف الشرف مثل الشقيقة الإمارات المتحدة وموريتانيا والسنغال إلخ.
وتعرف برامج كل دورة، العديد من الأنشطة الغنية والمتنوعة: منها ما هو تراثي ورياضي وفني وسوسيو-اقتصادي. كما تقام أيضا خيام موضوعاتية، وعروض فلكلورية من قبيل سباقات الإبل والفروسية. وموازاة مع كل هذا، يتم تنظيم ندوات فكرية، وجلسات شعرية، بالإضافة إلى سهرات فنية وموسيقية، وكرنفال استعراضي تشارك فيه فرق محلية ووطنية ودولية، وكذا معرض للصور تؤرخ لموسم طانطان.
هذا ولم يقف المنظمون لهذا الموسم عند حدود الثقافة والتاريخ والعادات، بل بذلوا مجهودات لتطويرمحتوى هذا الملتقى السنوي ليحتضن جانبا من الشأن الاقتصادي والاستثماري، حيث أصبح ينظم لقاءات ومنتدى خاص بالأعمال والاستثمار، بمشاركة رجال أعمال من مختلف أنحاء العالم، بهدف التعريف بمؤهلات وفرص الاستثمار بالمنطقة، خاصة في قطاعات السياحة والصيد البحري والزراعة والصناعة والطاقات المتجددة.