تمغربيت :
بقلم : المنصور الذهبي
الجزء الأول
إن المتتبعَ لما يُنشر على وسائل الإعلام الجزائرية، سواء الرسمية منها أو شبه الرسمية المدفوعة مِن نظام العسكر، أو تلك التي تبدو صفحاتٍ ثقافيةً تهتم بالتراث أو رياضيةً لأشخاص معروفين إعلاميا ولهم متابعون كُثُر، أو حتى حساباتٍ شخصيةً لأناس عاديين، يلاحظ شيئا واحدا مُشترَكاً بين كل هؤلاء، وهو إصرارهم على نَسْب كل ما هو مغربي إلى جغرافيا الجزائر.
ولا يقتصر الأمر على سَلخ الشخصيات التاريخية المغربية من جِلدها سلخاً، بعد نزع قفطانها المغربي، وجلّابتها المغربية، وطربوشها المغربي، وبَلْغتها المغربية، بل يتعداه إلى إلباسها عُنوةً، لباسا غريبا عنها، يكون تارة عثمانيا وتارة أندلسيًا، وتارة مورتانيا وتارة نوميديا، وتارة فنكوشيا وأخرى حنكوشيا، المهم أن يُخلع عن الشخصية المُختطَفة، اللباسُ المغربي والجيناتُ المغربية.!
وحين تعجز مُخيِّلة السُّرَّاق(الحقيقة أنها سرقة موصوفة متعمدة يقوم بها سُرَّاق محترفون جنَّدهم نظام العسكر) عن اختلاق طرفٍ تنسِب إليه تراثَ المغرب وتاريخَه، يصبحُ المسروق حينها بحسبِ توصيفاتهم، تراثا مغاربيا أو مشترَكاً.
وتطولُ يد السُّرَّاق لتتعدى إلى المعمار والطبخ واللباس والموسيقى والغناء وكل ما يكَوِّن التراث المغربي المعروفَ عالميا، والموثَّقَ في المراجع وأمهات الكتب، والأشرطة الوثائقية بالصوت والصورة، بل يصلُ الأمر إلى السطو على ما هو موثَّق كتراثٍ مغربي، في أرشيفات المنظمات الأممية التي تُعنى بالثقافة والتراث.
ولم يسلم من السرقة حتى أولئك الذين فتح العالم عينيه على مغربيتهم منذ أن كان العالمُ العالمَ ولم تكن الجزائر.
فصار طارقُ ابن زياد ويوسفُ بن تاشفين، ودولةُ المرينيين والمرابطين، وجبلُ توبقال وأسودُ الأطلس، والقفطان والجلابة، والبسطيلةُ وكعبُ غزال، ويا بنت بلادي عجبوني عينيك ويا شفشاون يا نوارة، كل هذا انتقل في مخيلة السراق، والحمد لله على ذلك أنه في مخيلتهم فقط، انتقل من كونه إرثا قديما عريقا للأمة المغربية إلى إرثٍ لدولةٍ حديثة مستحدَثة، عُمر كعب غزال والبسطيلة أكبرُ مِنها بقرون.
وأصبح النت وويكيبيديا مَرتعاً لهؤلاء السُّرَّاق المجندين، أو الجنود السُّرَّاق، وهم فِعلاً جنود، بِرُتب عسكرية، يحركهم نظامُ عسكري، ذراعاً إعلاميا لهُ لصناعة تاريخٍ يواجهون به العالَم، ويضمنُ لهم مكاناً بين الأمم، وكل ذلك من سرقة تاريخ الأمة المغربية العريقة..