تمغربيت :
كذبوا عليك حينا من الدهر فقالوا لك “خاطينا بوليتيك واحنا خاوة خاوة”
ولا أخفي عليك أني أنا أيضا من بين الملايين من المغاربة ممن انطلى عليهم هذا الكلام حينا من الدهر. رغم أني شاهد على العصر، لست مثلك ومثل ملايين المغاربة. لأني شاهدت بأم عيني، المطرودين بالآلاف من الجزائر.. يوما واحدا بعد عيد الأضحى سنة 75. شاهدتهم وعايشتهم في “لافوار – LA FOIRE ” بحي واد الناشف بوجدة.. وكان ذلك إن لم تخني الذاكرة شهر شتنبر 75 المتسم بالبرد وغزارة الأمطار والغيس/الأوحال.
منزلنا شاهد على الغدر والمأساة..
بل كان منزلنا بوجدة، مسرحا ونزلا لاستقبال خالتي ‘فانة/فاطنة’ الله يرحمها وأبنائها.. وعمة والدتي بأهلها وبناتها وأحفادها.. نقتسم معهم الأحزان والمأكل والمشرب والمبيت، وخير الله موجود (اللي تاكلو أسرة تاكلوا ثلاث أسر، فسبحان واضع بركاته وجوده وكرمه فيما يشاء قدرما يشاء).. ونُواسيهم على قدر المستطاع.. ولا أنفي أننا كنا أيضا “ندوزوا” أياما وليالي من الفرحة والضحك. قبل أن تدمجهم الدولة المغربية في عدد من مؤسساتها وتحل ما ارتبط من مشاكلهم في مجال الشغل.. ذلك أننا شعب طيب بطبعه، ننسى الخصومات لكي لا أقول العداوات بسرعة.
نحن شعب يميل دوما إلى البناء والوحدة والتسامح والتعايش ونسيان مآسي الماضي.. ولكن شكوووون هاد الجار اللي يخليك؟ فهو لا يمل ولا يكل من الكيد للمغرب والمغاربة ونساء المغرب وأعراضهن والملكية وشخص الملك.. وهذا منذ عام 63 إلى يوم الناس هذا. ولا بوادر على أن هذا النظام وجزء كبير من الشعب، سيتوب ويتراجع عن هذه المواقف العدائية التي لم تزد الجزائر.. لا قوة ولا تنمية ولا تطورا، بل تسببت في أزماته الاقتصادية والاجتماعية والمالية.. فلم يكن لنظام العسكر من الربح سوى استمراره في الحكم العسكري لا غير؟
كذبوا عليك فقالوا أنها مشاكل أنظمة فيما بينها..
والحقيقة أن المشكل يننا وبينهم، والمطروح منذ قرابة نصف قرن من الزمن (48 سنة)، هي صحراؤنا الغربية المغربية التي استرجعناها من المستعمر الإسباني.. فخرجت منها إسبانيا منذ 1975، وأقرت سنة 2022 بمغربيتها، على اعتبار أنها هي من استعمرت تلك البقعة الطاهرة من مغربنا، وبالتالي تعرف جيدا جنسية وانتماء وولاء ساكنتها منذ قرون.. وليست الجزائر التي ظهرت للوجود المادي والسياسي سنة 1962 فقط.. فملف الاستقلال والوحدة الترابية للمملكة الشريفة، ملف القصر والحكومة والأحزاب والمجتمع المدني والشعب المغربي برمته.. بينما في الجزائر هو ملف نظام وليس ملف شعب مُغَيَّب ومُفَقَّر ومُسَيطَر عليه.
فالأخوة أو خاوا خاوا تكون بين أفراد وشعوب على أساس احترام التاريخ واحترام جغرافيا الغير. فكيف تريد مني أن أآخيك وأجعل منك أخا أمينا، وأنت تسمي المغرب بالاحتلال وتناصر نظامك في إيواء جبهة انفصالية عسكرية إرهابية تحارب ضد المملكة المغربية وتؤيد قتل مئات الجنود المغاربة وترميل نسائهم وتيتيم أبنائهم ؟ أي هبل وخبل هذا؟ فإن كان النفاق يجعلك تقبل بالمزج والجمع بين الأخوة والحرب والعداوة في قالب واحد.. فهذا عندي نفاق وخِسّة أخلاق.
كذبوا عليك فقالوا خاطينا بوليتيك
لا يا من لست أخي ولا أنا أخوك والعياذ بالله من الهبل والخبل الذي ابتلاك الله به. فالصحراء الغربية المغربية وقبلها وبعدها (وهو أصل الداء والعداوة من الأساس)، وهنا الحديث عن الصحراء الشرقية، ليست بوليتيك بالنسبة لي، بل اغتصاب استعماري فرنسي لأرض بلدي وأجدادي و “حدود المغرب الحقة” للمملكة الشريفة. مقابل ما تسميه أنت – يا من لست أخي ولا أنا أخوك – من عبط وعبث “بالحدود الموروثة عن الاستعمار” كشعار بئيس بؤس قائليه.. إذ لا يخفى على أحد ما يبطنه هذا الشعار البائس من ميول للاستعمار وتْرِّيكْتْ الاستعمار، وقبول بما فعله الاستعمار وترك المنطقة عليه، وحنين وقابلية للاستعمار.. وإن كان ولا بد من تسمية وتصنيف الأمور كذلك؛ فمرحبا بالبوليتيك، فأنا مهتم بالبوليتيك، وأنا ما خاطينيش البوليتيك، بل أموت في البوليتيك ومن أجل البوليتيك، وتحيى البوليتيك.