تمغربيت:
° في سياق الرد
جاء رد د.عبد الحق الصنايبي هذه المرة في سياق تطاول أتباع نظام الجارة الفاقدة للهوية والتاريخ على المملكة الشريفة – المملكة الأعرق في العالم من حيث استمراريتها الغير منقطعة إلى يوم الناس هذا. تطاولٌ تجاوز كل الحدود الحمر. تطاولٌ شارك فيه الكل بدءا بالإعلام الرسمي، إلى جماهير اليوتيبورز من المستأجرين، إلى رجل الشارع العادي حتى هو- le petit homme كما يطلق عليه Wilhelm Reich- تطاولٌ على تراثنا و تاريخنا، وعلى حضارتنا ومؤسساتنا … وأخيرا وليس آخرا تطاولٌ على شرف نسائنا بشكل هستيري غير مسبوق.
كلها تمظهرات وتجليات لما هوأعمق؛ فالأمرمن الناحية السيكولوجية ينم عن خبث الأقرباء الدفين، وعقدة الجيران الأبدي تجاه كل ما هو مغرب ومغربي، تاريخا وثقافة وحضارة وأسلوب حياة ورقي أخلاق. لكن الأمر أيضا من الناحية الوجودية والعقيدة السياسية، ينم عن خطة ممنهجة منذ بضع سنين من طرف نظام يفتقد للشرعية والمشروعية معا. يحاول عبثا خلق بعبع وعدو كلاسيكي يتحد في كرهه ومواجهته، الشعب والعسكر معا.
تطاولٌ استمرحتى في شهررمضان الكريم. فلم يراع هذا الرعاع من القوم، الأشهر الحرم، التي كان الجاهليون الأوائل بكل ما أوتوا من جهالة يحترمونها. فقد برهنوا بأنهم في الجاهلية الأولى ينعمون، وأنهم أجهل من جاهلية قريش وأبي جهل وكذا أبي لهب وحمالة الحطب. أكثر من هذا. فلم يعاتبهم أحد ولم ينبري لنصحهم أحد. وكأنّ الجزائرالقارة، ليس فيها رجل رشيدٌ، ناصحٌ لِقومِه أمين.
في هذا السياق يأتي الرد على هؤلاء من ضعاف النفوس وشواذ الفكر. إذ لا يمكن بحالٍ، السكوت إزاء هكذا هجمات منحطة ودنيئة وممنهجة أيضا. خصوصا أننا في حالة دفاع عن أنفسنا وعن تايخنا العريق وتراثنا الغني وثقافتنا وحضارتنا ورموز أمتنا وشرف نسائنا.
° ظاهرة “المؤرخون الهجن – les historiens hybrides”
وبعد دومير؛ المساعد البيطري الذي أصبح مؤرخا للجمهورية في بلاد هوووك، خرج علينا عقيد في سلك الوقاية المدنية يَدَّعي هو الآخر إلمامه بالتاريخ والمادة التاريخية، في ظاهرة عجيبة غريبة لا توجد سوى بالجزائر: ألا وهي ظاهرة “المؤرخون الهجن – les historiens hybrides” التي تبيح لأي كان أن يقفز على اختصاصه ومهنته فيصبح مؤرخا. ظاهرة أفرزت وستفرز أشكالا من هذا النوع، من قبيل: بيطري مؤرخ وإطفائي مؤرخ، ووزير مؤرخ ورئيس دولة مؤرخ. وهكذا. مؤرخون هجن يهرطقون بأي شيء وكل شيء ولا شيء، وفقا للمدرسة الدوميرية الجزائرية الجديدة في التأريخ، التي تتأسس على قاعدة ومنهجية معالجة الدرس التاريخي بنفس أسلوب ومنهجية معالجة الحيوانات.
العقيد صالح أحمد بارودي هذا خرج علينا في شهر رمضان الكريم، ليقول قولا فاجرا وعظيما، متهما شرف نساء المغرب وضاربا في أعراضهن بشكل سافر ومنحط نترفع عن نقله. متهما نساء المغرب الشريفات العفيفات المشاركات في المسيرة الخضراء، الرافعات لكتاب الله وراية المغرب، لاسترجاع الأراضي المغربية من الاستعمار الإسباني، بدون وجه حق ولا تقديم وثيقة ولا مناسبة…
° بداية الرد والجلد والتعرية
بدءا من هنا، سينطلق الدكتور الصنايبي للرد عبر حلقات متسلسلة مزلزلة، عليه ومن على شاكلته، تماما كما فعل من قبل في موضع الرد على آخرين، سواء بإثارة مواضيع تهتم بتعرية اللا تاريخ واللا هوية لجغرافيا الجزائر بالأدلة والوثائق… أو بإثارة فترات قرون من الركود صاحَبَ حكم القراصنة الأتراك ثم الفرنسيين. أو بإثارة تراث الدعارة و”أم حسن” التي التصقت بجغرافيا “الجزائر – Alger” منذ عهد وحكم الأتراك، بداية القرن 16. عجبا.إلخ.
فيقول د.عبد الحق الصنايبي في موضع رده موضحا “…ونظن أن هؤلاء لا يمثلون الجزائريين ولا يشرفونهم ولا يعكس البنية السلوكية لإخواننا في الجزائر. وبالتالي لن نسكت ” ويقول متوجها إلى المؤرخ الهجين ومن على شاكلته: “فأنتم ليس لكم ما تقدمونه، ولا تمتلكون ما تترافعون به، فليس لكم تاريخ ولا حضارة ولا تراث ولاهوية، لأنكم كنتم في سُبات حضاري لأزيد من 2000 سنة (كما أشار المسؤول الجزائري السابق نورالدين بوكروح). وبالتالي لا يمكن أن تُبعَثوا من عدم، وبجانبكم دولة أمة ومملكة شريفة يشهد لها القاصي والداني بعراقة تاريخها.. لذلك نقول لكم أن لا مجال للتناطح مع الجبل، ولا مجال لمواجهة الأمواج العاتية، لأنكم ستخضعون صاغرين…”
° قصة أم حسن ما هي إلا البداية
وما قصة أم حسن إلا البداية، يضيف الدكتور الصنايبي، “فهي قصة موثقة، وهي قصة عاهرة بل باترونة وقوادة في مجال العهر، وهي مجرمة تمارس الدعارة المؤسساتية، وعميلة في صفوف الاستعمار الفرنسي. وقد جائت من الجزائر مع المستعمرين وضمن كتائب المومسات المصاحبة للجيش الفرنسي. حيث كانت هي وأخريات أول من أسس “لمواخير الدعارة les bordels de campagne ” وقد كانت سيفا في يد المستعمر لضرب المقاومة المغربية في فاس ومكناس والدار البيضاء. كما كانت جاسوسة لصالح الفرنسيين … وقد استعمل الفرنسيون للأسف الشديد، الجسد الجزائري ، من أجل اختراق النسيج المجتمعي للمغاربة وخلخلة البنية المجتمعية وضرب نظام الأسرة الذي يُعتبرالركيزة الأساسية ونقطة قوة المجتمع المغربي.
° ماذا عن الجزائر – la ville d’Alger؟
ثم يُسائلهم الدكتور الصنايبي:
“فإذا كنتم تعترفون بأن فرنسا أقامت حيا واحدا للدعارة بالدار البيضاء بالمغرب أطلقت عليه إسم بوسبير، ارتبط ارتباطا عضويا بفترة الانتداب والاحتلال الفرنسي، وكان مخصصا أساسا للجنود الفرنسيين ، وكانت به نساء مومسات وقوادات جزائريات بنسبة كبيرة إلى جانب يهوديات وأفريقيات، لم يتجاوز عددهن 600”
“فباعترافاتكم وبالشواهد التاريخية طبعا، لم تكن بالمغرب ولا بالدار البيضاء دورا للدعارة قبل دخول الفرنسيين. وبالتالي فإن الاحتلال الفرنسي هو من كان وراء إنشاء بوسبير، بسواعد نساء جزائريات وأفريقيات ويهوديات. فكان بوسبير هذا فرنسيا-جزائريا، موجها في الأصل للجنود. فهو ظاهرة طارئة على المجتمع المغربي. وهو ما لا يمت بصلة إلى الدعارة المتأصلة في الجزائر قبل مجيء الفرنسيين بقرون وقرون كما سيأتي.”
“فحينما دخل المستوطنون الفرنسيون جعرافيا الجزائر، جغرافيا فقط، جغرافيا لم يكن يحكمها أهلها بل لم يكن لهم أي دور يذكر في الحواضر تحت الحكم العثماني التركي. وجد الفرنسيون السيبة والفوضى واللا دولة واللا أخلاق واللا قيم واللا مجتمع…”
“وهاهي إحدى الوثائق والشهادات الموثقة لدخول الفرنسيين في القرن 19، سنة 1830م. بالصفحة 21-من
كتاب:”de la prostitution dans la ville d’Alger -E.A.Duchesse”
« Le capitaine Rozet estime à 3.000 le nombre des filles publiques qui existaient à Alger, lors de notre arrivée. »
“يقدرالكابتن روزيت عدد البغايا اللائي كُنَّ موجودات في الجزائر العاصمة وقت وصولنا بـ 3000”
إذا عند وصولهم إلى مدينة الجزائر لوحدها كانت المومسات الجزائريات تعد بالآلاف. بينما في مثال المغرب، فقد جيء بهن من خارج المملكة الشريفة، وكانت غالبيتهن جزائريات وليست بمغربيات. وكان عددهن يُقدر ب600 مومس فقط، حسب “كتابCiel de Cafard”
“هذه الظاهرة الصادمة للفرنسيين أنفسهم، دعتهم إلى تقنين الدعارة بالجزائر بأصنافها المختلفة سنة 1858م. فأحصى الموثقون آنذاك “بالجزائر Alger” لوحدها – 14-ماخورا للدعارة أو لنقلها بلغتهم: 14-بوسبيرا وليس بوسبيرا واحدا. والمومسات طبعا، سواء في القرن 19-أو القرن 20، سواء بالجزائر أو بالمغرب، كن جزائريات جزائريات جزائريات”
“لذا نقول لكم للمرة الألف، اتقوا الأعراض، واتقوا شرف نساءنا … وإن عدتم … عدنا”