تمغربيت:
* التعريف ب “بوسبير”
بوسبير هذا حي كان متواجدا بالدار البيضاء.. حي هُيئ من قِبَل فرنسا الكولونيالية لممارسة الدعارة، المخصصة للجنود التابعين للجيش الفرنسي وأيضا لبعض المدنيين.. حي أنشئ سنة 1920 وأغلق سنة 1950. وانتهت قصته مع هذا التاريخ.. وبالتالي فهو نتاج فرنسي استعماري ارتبط بحقبة الانتداب الفرنسي.. ولم يعد له وجود منذ 73 سنة..
*بوسبير ماركة فرنيسة
نقف عند هذه الرمزية القوية.. إذ نجد أنفسنا أمام نتاج فرنسي مرتبط بالاحتلال ومصاحب لفترة الحماية الفرنسية.. والغزو الثقافي والسلوك الغربي الاستعماري، وأمام ظاهرة دخيلة على المجتمع المغربي.. مناقضة لثقافته السائدة ونمط تدينه الثابت.. ظاهرة لم تكن نتاجا ذاتيا لتطور مجتمعي مغربي.
* كيف دخل بوسبير الى المغرب؟
والظاهرة مرتبطة بدخول الفرنسيين إلى المغرب على عهد ليوطي القادم من الجزائر.. نعم.. فرنسا دخلت المغرب عبر الجزائر باحتلال عين صالح وبشار ووو بالصحراء الشرقية المغربية ثم دخلت بعدها مدينة وجدة بشرق البلاد.. إلى أن دخلت بعدها مدينة الدار البيضاء فتوسعت إلى كامل التراب المغربي بالمناطق الوسطى.
مع دخول فرنسا للمغرب، كانت الحملات الفرنسية المدعومة بالجيش الفرنسي الكولونيالي المكون في غالبيته من جنود وعناصر جزائريين.. وكذلك من جنود أفارقة تابعين لمستعمراتها بأفريقيا، تضم ضمن مكوناتها، ما يسمى ب “les bordels militaires de campagne المواخير العسكرية المتحركة”. والحديث هنا عن مجموعة من النساء (المومسات) يتم جلبهن لتلبية رغبات الجنود.. وهذا تقليد فرنسي عام التصق بالحملات الكولونيالية الفرنسية.
جنسيات بوسبير..
والفتيات المومسات اللواتي يشتغلن في هاته المواخير البوسبيرية كُنَّ من جنسيات جزائرية بالدرجة الأولى وإفريقية أيضا.. فالمنتوج البشري أو المادة الخام البشرية أو الموارد البشرية في بوسبير هذا.. جزائرية في غالبيتها.. وبالتالي ففضيحة الجزائري -بجلاجل- الذي يسب المغاربة في أعراض نسائهم بكلمة وشتيمة بوسبير إنما يشتم ويسب أعراض نساء الجزائر. فضلا عن العار الذي يمثله الجندي الجزائري الحركي الذي يحارب في صفوف الجيش الفرنسي المسيحي الكولونيالي لاحتلال بلد جار مسلم من أجل فرنسا.. فعليه أولا أن ينتبه ويعرف أن فرنسا كانت تحارب في حملاتها الاستعمارية بسواعد رجال الجزائر وتستعين في توطين بورديلات الدعارة بنساء الجزائر.. وعليه أن يعي أن رجال الجزائر وفتيات الجزائر كانوا بمثابة الدراع التنفيذي على الارض لتحقيق مشاريع الحملات الفرنسية الكولونيالية.
* الثقة فالوثيقة؟
كل ما سبق مسنود بالوثائق ومنها كتاب “CIEL DE CAFARD” الذي يقتطف منه الدكتور الصنايبي كلاما حول حي بوسبير بالدار البيضاء:
“حينما دخلنا كانت 600 فتات في انتظارنا؛ من جميع الألوان – بيضاوات، نحاسيات، وسوداوات.. من جميع الأعمار وجميع الأحجام والأشكال.. وبصفة عامة كُنَّ شابات جزائريات ويهوديات، تَرقُبْنَ دخولنا إلى بوسبير.”
هذا المرجع التاريخي اذا يُثبِت ويُثَبِّت أن فتيات ومومسات بوسبير تعد بالمئات وكأنهن مجندات في كتيبة عسكرية. وكن تنتمين إلى الجنسية الجزائرية أولا والعرق اليهودي والأفريقيات أيضا (يهوديات جزائريات وفرنسيات).
الوثيقة الثانية..
ثم ينتقل الدكتور الصنايبي إلى الوثيقة الثانية وهي عبارة عن بحث بعنوان (BORDEL DE BLED) الذي يتناول موضوع الدعارة في المغرب.. “بعد احتلال الدار البيضاء في غشت 1907م. مصطلح -النساء الحُرّات Femmes libres – لفت انتباه الملاحظين العسكريين الفرنسيين في الشاوية.. كما يدل على ذلك عدد البطاقات البريدية آنذاك.. جنود الكتائب السنغالية والجزائرية والفرنسية كان لهم الحق في نساء من جنسياتهم”.
هذا سنة 1907 أي بداية توطين بوسبير بمئات النساء الجزائريات في الغالب. فالمنتوج إذا جزائري والإشراف فرنسي.
ثم يضيف كيف أن هذه الظاهرة المرتبطة بالاستعمار، سوف تُضاف إليها من بعد، عاهرات من المغرب لتلبية رغبات الكوم المغاربة يقول : “العناصر الأولى من الكوم تأسست سنة 1908م. كان لهم الحق كذلك بداية من عام 1913م. وقد جمعوهم في الدار البيضاء سنة 1919م .. العاهرات من مختلف هذه الجنسيات هن اللواتي شَكَّلن النواة الأولى – لحي بوسبير -“
بوسبير منتوج كولونيالي..
بوسبير إذا منتوج كولونيالي مرتبط بحملات الاستعمار الفرنسي – وأحياء بوسبير صاحبت فرنسا في كل مستعمراتها بما فيهم الجزائر (تحت مسميات مختلفة) – بوسبير إذا ظاهرة دخيلة على المجتمع المغربي – بوسبير إذا حي خاص بالجنود في الجيش الفرنسي – بوسبير إذا غالبية موارده البشرية تتكون من نساء الجزائر وإفريقيا – بوسبير إذا ظاهرة دخلت المغرب سنة 1920 وانتهى مسلسلها سنة 1950 أي قبل 73 سنة ولا علاقة لها بحاضر المغرب – بوسبير إذا سلعة جزائرية بإشراف فرنسي –
وبالتالي فالسب والشتم حينما يوجهه الجزائريون، فهو في الأساس موجه ضد نساء الجزائر ورجال الحركي الجزائري وكذا فرنسا الكولونيالية. فافهم يا المبردع، سليط اللسان، الناطق بالسفاهة دون معرفة ولا بيان.