تمغربيت:
*تقديم:
كثيرا ما يردد المرء، الشائعَ من الأقوال والأمثال والعبارات، دون التدقيق في مدى صحتها أو خطئها.. أمر سائد على مستوى العامة كما هو الحال بالنسبة للمثقفين والأكاديميين أيضا..
*استنساخ آيات
لكن الأمر يكتسي خطورة أكثر حينما يتعلق باستنساخ آيات من الوحي أو الحديث.. بالزيادة فيها أو تحريفها الخ.. فيترتب عليه لا محالة تحريف وتأويل للمعنى المراد به، في الآية والحديث، يذهب بالمعنى والدلالة إلى حد التناقض..
خذ مثلا المقولة الشائعة التي يرددها غالبية الناس على أنها آية وهي ليست بآية في قولهم.. وكفى الله المؤمنين “شر” القتال، عبارة بالتأكيد فيها زيادة، بل ومخالفة أيضا لروح الآية الكريمة من سورة الأحزاب.. (وكفى الله المؤمنين القتال). عبارة تحاكي القرآن وليست من القرآن بل تخالف معنى الآية التي تجعل من القتال دفاعا وتدافعا لا بد منه.. لكنه أبدا ليس شرا.
فكيف يا ترى أضيفت كلمة شر وسط الآية، وشاعت بين الناس؟ علما أنها تناقض مراد الوحي، خصوصا حينما نعرض القرآن على القرآن من أجل تفسير القرآن بالقرآن فنقابل الآية بالآيات المتمحورة حول نفس الموضوع (التفسير الموضوعي للقرآن) فنقابل الآية (وكفى الله المؤمنين القتال) أمام الآية {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}؛ فيتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الله لم يذكر أن القتال شر علينا، بل هو كره لنا، وأن هذا القتال مع كرهنا له، إلا أن فيه خيرا – اقتضته حكمة الله الواسعة – ولا يمكن بحال من الأحوال أن “يكتب” الله القتال على المؤمنين وهو شر..
فالله تعالى لم يصف القتال بأنه شر أصلا.. بل جاء في الآية بمعنى الدفاع. وسورة الأحزاب تحكي علاقة بسبب نزولها عن هجوم وحصار أحزاب الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالمدينة قصد إبادتهم.. والقتال في هذا السياق يفيد الدفاع: دفاع عن الوطن والدين والجماعة المؤمنة الخ.. وهذا أبدا ليس شرا ولم يصفه الله بأنه شر، بل على النقيض تماما، شرف وواجب..
بل إن السياق الوحياني والسياق التاريخي لموقعة الأحزاب.. تفيد أن الشر كل الشر في ترك القتال والشر كل الشر في ترك الدفاع.
صحيح أن الإنسان يكره القتال والدفاع لما فيه من مشقة وجهد، يُضطر إليه الإنسان اضطرارا كما يُجر اليه المرء جرّا؛ والشاهد هنا قوله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) -البقرة- والشاهد الثاني من الحديث..
ينبهنا إلى عدم تمني لقاء العدو، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموه فاصبروا”.. وفي هذه الحالة يكون المسلم أمام موفقين اثنين: إما نصر، أو شهادة.
* دقيقة للتفكير:
(وكفى الله المؤمنين القتال) هو ما جاء به الوحي، وهو القول الحق الصحيح عبارة ومعنى.. أما قولهم (وكفى الله المؤمنين شر القتال) فلا يعدو عن كونه مقولة وتعبيرا بشريا، مخالفا لمعنى وروح الآية الكريمة التي تعتبر القتال دفاعا وشرفا وواجبا لا يمكن ان يكون شرا، رغم كونه كرها على الإنسان.
خمم فيها مزيااااااااان …