تمغربيت:
لعل هذه الأيام كانت عصيبة على المؤرخين الجزائريين والباحثين في التاريخ، كما على المثقفين الجزائريين.. كما على الإعلاميين الجزائريين، كما على دراجي وطبيب الحيوان (مؤرخ الجمهورية عندهم) ومن على شاكلتهم.. كما على اليوتيوبرز الجزائريين حيث فضل أكابرهم الصمت والانزواء، بينما فضلت كلابهم النابحة السب والشتم كالعادة خارج السياق.
*تحديات الدكتور عبد الحق الصنايبي وBernard Lugan
والمناسبة هنا، مناسبتان عفويتان التقتا بالصدفة بدون موعد مرتب له (ورُبَّ صدفة خير من ألف ميعاد).
مناسبة من المغرب وبطلها الدكتور عبد الحق الصنايبي صاحب “الثقة فالوثيقة”.. وأخرى من فرنسا وصاحبها هو المؤرخ الأكاديمي الفرنسي: برنارد لوغان Bernard Lugan.
والشاهد هنا، تساؤلات وأسئلة وجيهة طُرحت على الأكاديميين الجزائريين أولا، ومُهرجيهم الكبار ثانيا، و “يا أيها الناس” من الجزائر ثالثا. لكن على شكل تَحدٍّ من؛ تحديّ يتحدّى تحدَّ وتحدِّيا ومتحدٍّ ومُتحدّى وتَحَدٍّ؛ بمعاني من قبيل المجابهة دون خوف، والمُغالَبَة، وطلب مباراة في أمر كما جاء في شرح المعاني.
* د. عبد الحق الصنايبي يتحدى ب (مليون£ – GBP)
على الهواء وعبر قناة د. عبد الحق الصنايبي (1). وفي لقاءه الرابع مع اليوتيوبر اليمني أسعد الشرعي (رمضانيات)، ووسط تعجب الشرعي والمتابعين، حيث أن اللقاء تم على الهواء مباشرة live.. طرح الدكتور الصنايبي أسئلة من قبيل التحدي على الأشكال التالية:
– “لماذا كان يُعيَّن قناصله في جغرافيا الجزائر مقابل سفراء من وفي المغرب؟”
– “هل سمعتم بسفير ما من دولة ما عُين بإيالة ووصاية الجزائر قبل 62؟”
بل وحدد مبلغا قدره مليون درهم، رفعه إلى مليون دولار، ثم رفعه إلى سقف مليون جنيه استرليني £ – GBP، جائزة وهدية لمن استطاع إلى الجواب سبيلا..
تحدٍّ يشمل جميع الحقب إلى غاية 1962: سنة انفصال الجزائر عن فرنسا الأم بتقرير مصير ثالث بعد تقريرين للمصير بفرنسا، على مقاس وشروط اتفاقيات ايفيان.. بدون اعتذار ولا جماجم ولا وثيقة استقلال..
تحدٍّ رفعه وكرره ثانية السيد الشرعي على مسمع ومرئي الجزائريين.. وكتبت عنه أنا شخصيا ورفعته على صفحات “تمغربيت”، كما تناقله بعض اليوتيبورز أيضا..
لكن لا أحد ردّ من الجهة الشرقية من “جوج بغال /حدود وجدة” وكأن تلك الجغرافيا الناشئة بعد 1962م. لم تنجب مؤرخا ولا حتى باحثا في التاريخ. واكتفت بولادة مهرجين على شاكلة دومير على وزن حومير، الذي انتقل من معالجة البهائم والبعير إلى معالجة فقر الدم، عفوا، فقر الهوية والتاريخ.
وأمام هكذا صمت ووضعية يُحسَد عليها الجزائريون من الصنف المُعتدِي -لكي لا نعمم- على تاريخ وثوابت الأمة المغربية منذ نصف قرن أو يزيدون، مستمرين في غَيّهم لا يتوبون، نجد أنفسنا مضطرين لقراءة الآية الكريمة على أسماع د.الصنايبي، بْلا ما يْؤدي داك المليون £ : (وكفى الله المؤمنين القتال) -سورة الأحزاب- وهو القول الصحيح، خلاف القول الشائع بين الناس مثقفين وعامتهم (وكفى الله المؤمنين “شر” القتال) المخالف لروح الآية التي تجعل من القتال دفاعا وتدافعا لا بد منه لكنه أبدا ليس شرا (موضوع سوف نتطرق إليه في مقالة اخرى من سلسلة “دقيقة للتفكير”). والدكتور الصنايبي لم يكن يمارس شرا أبدا بل تدافعا ودفاعا عن تاريخ وهوية وحضارة وأصالة وفرادة الأمة المغربية العريقة جدا؛ استفاق المغاربة منذ بضع سنين على وقع مخطط ممنهج لسرقته والسطو عليه في وضح النهار وب “تخراج العينيين”..
* مؤرخ فرنسي يتحدى ب5 أسئلة
وتجمع الأقدار في نفس الأسبوع بين التحدي المغربي وتحدٍّ آخر من فرنسا، ومن أكاديمي هو الآخر، لا يعتمد إلا على الوثيقة هو أيضا، عجبا..
يتعلق الأمر بالمؤرخ برنارد لوغان Bernard Lugan.. الذي نشر مقالا يتحدى فيه الباحثين الجزائريين بخمسة أسئلة محرجة غاية في الإحراج.. بعدما كتب سلسلة من المواضيع يثبت فيها مغربية الصحراء الشرقية.. لكي يجد نفسه وسط كم هائل من السباب والشتائم عوض ما كان ينتظره من حوار ونقاش من طرف أهل الاختصاص في بلد قل فيه أهل الخبرة والاختصاص وشاع فيه أهل الغوغاء والهمجية وقلة الأدب والإحساس.. أمر لم يعره اهتماما برده عليهم: “أن البارعين في السب تعوزهم الحجج”.
وقد استند المؤرخ الأكاديمي في أبحاثه على الوثيقة والأرشيف الفرنسي الذي يحمل إسم “مسألة الحدود” عملا بقاعدة: “الثقة فالوثيقة”.
الأول: هل رسمت فرنسا حدود الجزائر أم لا؟
الثاني: من أجل توسيع أراضيها الجزائرية، هل اقتطعت فرنسا أم لا، مناطق مغربية تاريخية لتضمها للجزائر الفرنسية؟
الثالث: قبل منح الاستقلال للجزائر، هل اقترح الجنرال دوغول بنعم أو لا على المغرب التفاوض بشأن مسألة الحدود الجزائرية-المغربية؟
الرابع: هل رفض العاهل المغربي آنذاك الشروط التالية: «كل المفاوضات مع الحكومة الفرنسية حاليا بشأن مطالب وحقوق المغرب ستعتبر طعنة في ظهر أصدقائنا الجزائريين الذين يقاتلون، وأنا أفضل انتظار استقلال الجزائر لأطرح مع إخواني الجزائريين الخلاف الحدودي».
الخامس: في 6 يوليوز 1961، هل وقع المغرب والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية أم لا على الاتفاقية التالية:
«إن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تعترف من جهتها أن المشكلة الترابية التي يطرحها ترسيم الحدود.. الذي فرضته تعسفا فرنسا بين البلدين سوف يجد حلا له في المفاوضات بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الجزائر المستقلة».
ولهذا، قررت الحكومتان إنشاء لجنة جزائرية-مغربية ستجتمع في أقرب وقت ممكن لدراسة وحل هذه المشكلة بروح من الأخوة والوحدة المغاربية.. (بروتوكول اتفاق بين حكومة جلالة ملك المغرب والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية موقع يوم 6 يوليوز 1961).
https://www.youtube.com/@drabdelhaksnaibi