تمغربيت:
تقديم..
في مؤلفه، “المَلَكية المُواطِنة في أرض مسلمة” كيف بلور محمد السادس نموذج تديّن كوني” باللغة الفرنسية”.. Une monarchie citoyenne en terre d’islam”.. يدعونا د. “عبد الله بوصوف” أمين عام مجلس الجالية المغربية بالخارج، للتفكير والمدارسة في مشاريع تدبير الشأن الإسلامي بالمغرب وخارجه.. كإطار عام ودينامية عامة، مؤسسة على قيم الإسلام الوسطي المعتدل، تقودها منذ قرون وتحميها مؤسسة إمارة المؤمنين.. بدءا من المولى إدريس الأول (172ه) إلى يوم الناس هذا.
* التدين بالمغرب كنموذج تديّن كوني
اشتغل د. عبد الله بوصوف أيضا في الجزء الثالث من مؤلَّفِه بالنموذج المغربي في سياقات وفضاءات كونية خارج المغرب.. أعطاه عنوان “الحقل الديني المغربي: تجربة بسيطة أو نموذج قابل للاستنساخ”، باعتباره قضية وجزئا من مشروع إصلاح الحقل الديني بالمغرب وجب التوقف عنده أيضا.. في سياقات وفضاءات بأفريقيا وأوروبا والعالم.. تدبير وإصلاح قابل لاستلهام التجربة المغربية في تدبير الشأن الديني.. وقابل للنقل والاستنساخ والمحاكاة في أوروبا وإفريقيا والعالم أينما تواجدت الجالية المغربية والجاليات الإسلامية عموما.
المقاربة التاريخية..
فالمقاربة التاريخية لهذا الجزء من الكتاب.. تبرز لنا كيف احتك النموذج الديني المغربي باكرا بالمجتمعات الإفريقية جنوب الصحراء، أو ما كان يسمى بالسودان (الغربي) من خلال التصوف (الزاوية التيجانية كنموذج ناجح)، وكذا بالمجتمعات الأوربية عبر التجربة الأندلسية.. فضلا عن مكانة مرموقة ومصداقية لاقتها شخصيات إسلامية علمية، فكرية وفلسفية، في المجتمعات الغربية داخل فضاء الاستشراق والفكر الغربي.. أمثال ابن رشد، وابن خلدون، والشريف الإدريسي والخوارزمي وابن عربي الخ.
هذا الأمر يؤكد لنا قابلية التنزيل والتطبيق لنموذج التدين المغربي وإمكانية استنساخه ومحاكاته ونقله لجهات وفضاءات وسياقات أخرى من العالم.
فالمغرب سواء بأسلوب تدينه المعتدل أو بتاريخه العريق وحضارته الغنية يتقاطع مع الشعوب الإفريقية والأوربية.. وغيرها في الكثير من المشترك الإنساني والثقافي والحضاري.. فالمغرب يمثل ملتقى للحضارات وجسرا بين إفريقيا وأوروبا وسكنا وموطنا آمنا لليهود والمسيحيين.
المغرب بلد حوار..
والمغرب بلد حوار وانفتاح على الآخر، يتَّبِع نموذج تدين معتدل متسامح ومنفتح. وهو ما يحتاجه العالم اليوم في ظل تواجد أنماط أخرى من التدين والايديولوجيات، تتبنى العنف والتطرف والإرهاب.
لهذا، يُعد استدعاء النموذج المغربي ضرورة دينية واجتماعية وأمنية أيضا، لتغذية المشترك الإنساني.. حيث تمتاز ثوابت النموذج المغربي في التدين بالشمول والإحاطة بأبعادها الثلاثة؛
من عقيدة اشعرية لأهل السنة والجماعة، موازنة وجامعة بين العقل والنقل.. وتمذهب فقهي ومذهب مالكي سَلِس ومُيسَّر وليّن، متسامح ومعتدل في تعامله مع باقي المذاهب.. متميز بالتكيف والتأقلم مع سياقات مجتمعات افريقية وعربية وغربية الخ.. وأيضا تصوف سني عملي سلوكي وأخلاقي على طريقة الإمام الجنيد، يروم تهذيب السلوك الأخلاقي والروحاني الذي يشترك فيه الإسلام مع الانسانية جمعاء، ومع المرجعيات الدينية الأخرى.